وتكون اللام بمعنى على أو تكون صفة للعذاب أو يتعلق بسأل إذا كانت بمعنى دعا أي دعا للكافرين بعذاب أو تكون مستأنفا كأنه قال هو للكافرين * (من الله) * يحتمل أن يتعلق بواقع أي واقع من عند الله أو بدافع أي ليس له دافع من عند الله أو يكون صفة للعذاب أو مستأنفا * (ذي المعارج) * جمع معرج وهو المصعد إلي علو كالسلم والمدارج التي يرتقي بها قال ابن عطية هي هنا مستعارة في الفضائل والصفات الحميدة وقيل هي المراقى إلى السماء وهذا أظهر لأنه فسرها بما بعدها من عروج الملائكة * (والروح إليه) * أي إلى عرشه ومن حيث تهبط أوامره وقضاياه فالعروج هو من الأرض إلى العرش والروح هنا جبريل عليه السلام بدليل قوله نزل به الروح الأمين على قلبك وقيل الروح ملائكة حفظة على الملائكة وهذا ضعيف مفتقر إلى صحة نقل وقيل الروح جنس أرواح الناس وغيرهم * (في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة) * اختلف في هذا اليوم على قولين أحدهما أنه يوم القيامة والآخر أنه في الدنيا والصحيح أنه يوم القيامة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث مانع الزكاة ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي زكاتها إلا صفحت له صفائح من نار يكوى بها جبينه وجنبه وظهره في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد يعني يوم القيامة ثم اختلف هل مقداره خمسون ألف سنة حقيقة وهذا هو الأظهر أو هل وصف بذلك لشدة أهواله كما يقال يوم طويل إذا كان فيه مصائب وهموم وإذا قلنا إنه في الدنيا فالمعنى أن الملائكة والروح يعرجون في يوم لو عرج فيه الناس لعرجوا في خمسين ألف سنة وقيل الخمسون الف سنة هي مدة الدنيا والملائكة تعرج وتنزل في هذة المرة وهذا كله على أن يكون قوله في يوم يتعلق بتعرج ويحتمل أن يكون في يوم صفة للعذاب فيتعين أن يكون اليوم يوم القيامة والمعنى على هذا مستقيم * (فاصبر) * هذا متصل بما قبله من العذاب وغيره أي اصبر على أقوال الكافرين حتى يأتيهم العذاب ولذلك وصفه بالقرب مبالغة في تسلية النبي صلى الله عليه وسلم * (إنهم يرونه بعيدا) * يحتمل أن يعود الضمير على العذاب أو على اليوم الذي مقداره خمسين ألف سنة والبعيد يحتمل أن يراد به بعد الزمان أو بعد الإمكان وكذلك القرب يحتمل أن يراد به قرب الزمان لأن كل آت قريب ولأن الساعة قد قربت وقرب الإمكان لقدرة الله عليه * (يوم تكون السماء كالمهل) * يوم هنا بدل من يوم كان مقداره خمسين ألف سنة أو بدل من الضمير المنصوب في نراه أو منصوب بقوله قريبا أو بقوله يود المجرم أو بفعل مضمر تقديره اذكر والمهل هو دردى الزيت شبه السماء به في سوادها وانكدار أنوارها يوم القيامة وقيل هو ما أذيب من االفضة ونحوها شبه السماء به في تلونه * (وتكون الجبال كالعهن) * العهن هو الصوف شبه الجبال به في انتفاشه وتخلخل أجزائه وقيل هو الصوف المصبوغ ألوانا فيكون التشبيه في الانتفاش وفي اختلاف الألوان لأن الجبال منها بيض وسود وحمر * (ولا يسأل حميم حميما) * الحميم هنا الصديق والمعنى لا يسأل أحد من حميمه نصرة ولا إعانة لعلمه أنه لا يقدر له على شئ وقيل لا يسأله عن حاله لأن كل أحد مشغول بنفسه * (يبصرونهم) * يقال بصر الرجل بالرجل إذا رآه وبصرته إياه بالتشديد إذا أريته إياه والضميران يعودان على الحميمين لأنهما في معنى الجمع والمعنى أن كل حميم يبصر حميمه يوم القيامة فيراه ولكنه لا يسأله
(١٤٦)