التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٣ - الصفحة ٤٧
وهي سرعة البطش * (النار وعدها الله) * يحتمل أن تكون النار مبتدأ ووعدها الله خبرا أو يكون النار خبر ابتداء مضمر كأن قائلا قال ما هو فقيل هو النار ويكون وعدها الله استئنافا وهذا أظهر * (ضرب مثل) * أي ضربه الله لإقامة الحجة على المشركين * (لن يخلقوا ذبابا) * تنبيه بالأصغر على الأكبر من باب أولى وأحرى والمعنى أن الأصنام التي تعبدونها لا تقدر على خلق الذباب ولا غيره فكيف تعبد من دون الله الذي خلق كل شيء ثم أوضح عجزهم بقوله * (ولو اجتمعوا له) * أي لو تعاونوا على خلق الذباب لم يقدروا عليه * (وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه) * بيان أيضا لعجز الأصنام بحيث لو اختطف الذباب منهم شيئا لم يقدروا على استنقاذه منه على حال ضعفه وقد قيل إن المراد بما يسلب الذباب منهم الطيب الذي كانت تجعله العرب على الأصنام واللفظ أعم من ذلك * (ضعف الطالب والمطلوب) * المراد بالطالب الأصنام وبالمطلوب الذباب لأن الأصنام تطلب من الذباب ما سلبته منها وقيل الطالب الكفار والمطلوب الأصنام لأن الكفار يطلبون الخير منهم * (وما قدروا الله حق قدره) * أي ما عظموه حق تعظيمه * (الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس) * رد على من أنكر أن يكون الرسول من البشر * (اركعوا واسجدوا) * في هذه الآية سجدة عند الشافعي وغيره للحديث الصحيح الوارد في ذلك خلافا للمالكية * (واعبدوا ربكم) * عموم في العبادة بعد ذكر الصلاة التي عبر عنها بالركوع والسجود وإنما قدمها لأنها أهم العبادات * (وافعلوا الخير) * قيل المراد صلة الرحم وقال ابن عطية هي في الندب فيما عدا الواجبات واللفظ أعم من ذلك كله * (وجاهدوا في الله) * يحتمل أن يريد جهاد الكفار أو جهاد النفس والشيطان أو الهوى أو العموم في ذلك * (حق جهاده) * قيل إنه منسوخ كنسخ حق تقاته بقوله ما استطعتم وفي ذلك نظر وإنما أضاف الجهاد إلى الله ليبين بذلك فضله واختصاصه بالله * (اجتباكم) * أي اختاركم من بين الأمم * (من حرج) * أي مشقة وأصل الحرج الضيق * (ملة أبيكم إبراهيم) * انتصب ملة بفعل مضمر تقديره أعني بالدين ملة إبراهيم أو التزموا ملة إبراهيم وقال الفراء انتصب على تقدير حذف الكاف كأنه قال كملة وقال الزمخشري انتصب بمضمون ما تقدم كأنه قال وسع عليكم توسعة ملة أبيكم إبراهيم ثم حذف المضاف فإن قيل لم يكن إبراهيم أبا للمسلمين كلهم فالجواب أنه أبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبا لأمته لأن أمة الرسول في حكم أولاده ولذلك قرىء وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم وأيضا فإن قريشا وأكثر العرب من ذرية إبراهيم وهم أكثر الأمة فاعتبرهم دون غيرهم * (هو سماكم) * الضمير لله تعالى ومعنى من قبل في الكتب المتقدمة وفي هذا أي في القرآن وقيل الضمير لإبراهيم والإشارة إلى
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»