التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٣ - الصفحة ٣١
يدخلون في الماء ليستخرجوا له الجواهر من البحار * (عملا دون ذلك) * أقل من الغوص كالبنيان والخدمة * (وكنا لهم حافظين) * أي نحفظهم عن أن يزيغوا عن أمره أو نحفظهم من إفساد ما صنعوه وقيل معناه عالمين بعددهم * (وأيوب إذ نادى ربه) * كان أيوب عليه السلام نبيا من الروم وقيل من بني إسرائيل وكان له أولاد ومال كثير فأذهب الله ماله فصبر ثم أهلك الأولاد فصبر ثم سلط البلاء على جسمه فصبر إلى أن مر به قومه فشمتوا به فحينئذ دعا الله تعالى على أن قوله مسني الضر وأنت أرحم الراحمين ليس تصريحا بالدعاء ولكنه ذكر نفسه بما يوجب الرحمة ووصف ربه بغاية الرحمة ليرحمه فكان في ذلك من حسن التلطف ما ليس في التصريح بالطلب * (فكشفنا ما به من ضر) * لما استجاب الله له أنبع له عينا من ماء فشرب منه واغتسل فبرئ من المرض والبلاء * (وآتيناه أهله ومثلهم معهم) * روي أن الله أحيا أولاده الموتى ورزقهم مثلهم معهم في الدنيا وقيل في الآخرة وقيل ولدت امرأته مثل عدد أولاده الموتى ومثلهم معهم وأخلف الله عليه أكثر مما ذهب من ماله * (رحمة من عندنا) * أي رحمة لأيوب وذكرى لغيره من العابدين ليصبروا كما صبر ويحتمل أن تكون الرحمة والذكرى معا للعابدين * (وذا الكفل) * قيل هو إلياس وقيل زكريا وقيل نبي بعث إلى رجل واحد وقيل رجل صالح غير نبي وسمي ذا الكفل أي ذا الحظ من الله وقيل لأنه تكفل لليسع بالقيام بالأمر من بعده * (وذا النون) * هو يونس عليه السلام والنون هو الحوت نسب إليه لأنه التقمه * (إذ ذهب مغاضبا) * أي مغاضبا لقومه إذ كان يدعوهم إلى الله فيكفرون حتى أدركه ضجر منهم فخرج عنهم ولذلك قال الله ولا تكن كصاحب الحوت ولا يصح قول من قال مغاضبا لربه * (فظن أن لن نقدر عليه) * أي ظن أن نضيق عليه فهو من معنى قوله قدر عليه رزقه وقيل هو من القدر والقضاء أي ظن أن لن نضيق عليه بعقوبة ولا يصح قول من قال إنه من القدرة * (فنادى في الظلمات) * قيل هذا الكلام محذوف لبيانه في غير هذه الآية وهو أنه لما خرج ركب السفينة فرمى في البحر فالتقمه الحوت فنادى في الظلمات وهي ظلمة الليل والبحر وبطن الحوت ويحتمل أنه عبر بالظلمة عن بطن الحوت لشدة ظلمته كقوله وتركهم في ظلمات * (أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) * أن مفسرة أو مصدرية على تقدير نادى بأن والظلم الذي اعترف به كونه لم يصبر على قومه وخرج عنهم * (ونجيناه من الغم) * يعني من بطن الحوت وإخراجه إلى البر * (وكذلك ننجي المؤمنين) * يحتمل أن يكون مطلقا أو لمن دعا بدعاء يونس ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوة أخي يونس ذي النون ما دعا بها مكروب إلا استجيب له " لا تذرني
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»