التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ٣ - الصفحة ١٩٩
تخفيفا وقرئ بإدغام إحدى النونين في الأخرى * (لئن أشركت ليحبطن عملك) * دليل على إحباط عمل المرتد مطلقا خلافا للشافعي في قوله لا يحبط عمله إلا إذا مات على الكفر فإن قيل الموحى إليهم جماعة والخطاب بقوله لئن أشركت لواحد فالجواب أنه أوحى إلى كل واحد منهم على حدته فإن قيل كيف خوطب الأنبياء بذلك وهم معصومون من الشرك فالجواب أن ذلك على الفرض والتقدير أي لو وقع منهم شرك لحبطت أعمالهم لكنهم لم يقع منهم شرك بسبب العصمة ويحتمل أن يكون الخطاب لغيرهم وخوطبوا هم ليدل المعنى على غيرهم بالطريق الأولى * (وما قدروا الله حق قدره) * أي ما عظموه حق تعظيمه ولا وصفوه بما يجب له ولا نزهوه عما لا يليق به والضمير في قدروا لقريش وقيل لليهود * (والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه) * المقصود بهذا تعظيم جلال الله والرد على الكفار الذين ما قدروا الله حق قدره ثم اختلف الناس فيها كاختلافهم في غيرها من المشكلات فقالت المتأولة إن القبضة واليمين عبارة عن القدرة وقال ابن الطيب إنها صفة زائدة على صفات الذات وأما السلف الصالح فسلموا علم ذلك إلى الله ورأوا أن هذا من المتشابه الذي لا يعلم علم حقيقته إلا الله وقد قال ابن عباس ما معناه إن الأرض في قبضته والسماوات مطويات كل ذلك بيمينه وقال ابن عمر ما معناه إن الأرض في قبضة اليد الواحدة والسماوات مطويات باليمين الأخرى لأن كلتا يديه يمين * (ونفخ في الصور) * هو القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل وهذه النفخة نفخة الصعق وهو الموت وقد قيل إن قبلها نفخة الفزع ولم تذكر في هذه الآية * (إلا من شاء الله) * قيل يعني جبريل وإسرافيل وميكائيل وملك الموت ثم يميتهم الله بعد ذلك وقيل استثناء الأنبياء وقيل الشهداء * (ثم نفخ فيه أخرى) * هي نفخة القيام * (قيام ينظرون) * قيل إنه من النظر وقيل من الانتظار أي ينتظرون ما يفعل بهم * (ووضع الكتاب) * يعني صحائف الأعمال وإنما وحدها لأنه أراد الجنس وقيل هو اللوح المحفوظ " وجئ بالنبيين " ليشهدوا على قومهم * (والشهداء) * يحتمل أن يكون جمع شاهد أو جمع شهيد في سبيل الله والأول أرجح لأن فيه الوعيد معنى ولأنه أليق بذكر الأنبياء الشاهدين والمراد على هذا أمة محمد صلى الله عليه وسلم لأنهم يشهدون على الناس وقيل يعني الملائكة الحفظة * (وقضي بينهم) * الضمير لجميع الخلق * (زمرا) * في الموضعين جمع زمرة وهي الجماعة من الناس وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أول زمرة يدخلون الجنة وجوههم على مثل القمر ليلة البدر والزمرة الثانية على مثل أشد نجم في السماء إضاءة ثم هم بعد
(١٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 » »»