كلموه وذلك رد عليهم في دعوى الربوبية له وقرئ يرجع بالرفع وأن مخففة من الثقيلة وبالنصب وهي مصدرية * (قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن) * لا زائدة للتأكيد والمعنى ما منعك أن تتبعني في المشي إلى الطور أو تتبعني في الغضب لله وشدة الزجر لمن عبد العجل وقتالهم بمن لم يعبده * (قال يا ابن أم) * ذكر في الأعراف * (لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي) * كان موسى قد أخذ بشعر هارون ولحيته من شدة غضبه لما وجد بني إسرائيل قد عبدوا العجل * (إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل) * أي لو قاتلت من عبد العجل منهم بمن لم يعبده لقلت فرقت جماعتهم وأدخلت العداوة بينهم وهذا على أن يكون معنى قوله تتبعني في الزجر والقتال ولو اتبعتك في المشي إلى الطور لاتبعني بعضهم دون بعض فتفرقت جماعتهم وهذا على أن يكون معنى تتبعني في المشي إلى الطور * (ولم ترقب قولي) * يعني قوله له اخلفني في قومي وأصلح * (قال فما خطبك يا سامري) * أي قال موسى ما شأنك ولفظ الخطب يقتضي الانتهار لأنه يستعمل في المكاره * (قال بصرت بما لم يبصروا به) * أي رأيت ما لم يروه يعني جبريل عليه السلام وفرسه * (فقبضت قبضة من أثر الرسول) * أي قبضت قبضة من تراب من أثر فرس الرسول وهو جبريل وقرأ ابن مسعود من أثر فرس الرسول وإنما سمي جبريل بالرسول لأن الله أرسله إلى موسى والقبضة مصدر قبض وإطلاقها على المفعول من تسمية المفعول بالمصدر كضرب الأمير ويقال قبض بالضاد المعجمة إذا أخذ بأصابعه وكفه وبالصاد المهملة إذا أخذ بأطراف الأصابع وقد قرئ كذلك في الشاذ * (فنبذتها) * أي ألقيتها على الحلي فصار عجلا أو على العجل فصار له خوار * (فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس) * عاقب موسى عليه السلام السامري بأن منع الناس من مخالطته ومجالسته ومؤاكلته ومكالمته وجعل له مع ذلك أن يقول طول حياته لا مساس أي لا مماسة ولا إذاية وروي أنه كان إذا مسه أحد أصابت الحمى له وللذي مسه فصار هو يبعد عن الناس وصار الناس يبعدون عنه * (وإن لك موعدا) * يعني العذاب في الآخرة وهذا تهديد ووعيد * (ظلت) * أصله ظللت حذفت إحدى اللامين والأصل في معنى ظل أقام بالنهار ثم استعمل في الدأب على الشيء ليلا ونهارا * (لنحرقنه) * من الإحراق بالنار وقرئ بفتح النون وضم الراء بمعنى نبرده بالمبرد وقد حمل بعضهم قراءة الجماعة على أنها من هذا المعنى لأن الذهب لا يفنى بالإحراق بالنار والصحيح أن المقصود بإحراقه بالنار إذابته وإفساد صورته فيصح حمل قراءة الجماعة على ذلك * (ثم لننسفنه في اليم نسفا) * أي نلقيه في البحر والنسف تفريق الغبار ونحوه
(١٨)