* (إنا جعلنا على قلوبهم أكنة) * هذه عقوبة على الإعراض المحكي عنهم أو تعليل لهم والأكنة جمع كنان وهو الغطاء والوقر الصمم وهما على وجه الاستعارة في قلة فهمهم للقرآن وعدم استجابتهم للإيمان * (فلن يهتدوا إذا أبدا) * يريد به من قضى الله أنه لا يؤمن * (لو يؤاخذهم) * الضمير لكفار قريش أو لسائر الناس لقوله ولو يؤاخذ الله الناس والجملة خبر المبتدأ والغفور ذو الرحمة صفتان اعترضتا بين المبتدأ والخبر توطئة لما ذكر بعد من ترك المؤاخذة ويحتمل أن يكون الغفور هو الخبر ويؤاخذهم بيان لمغفرته ورحمته والأول أظهر * (بل لهم موعد) * قيل هو الموت وقيل عذاب الآخرة وقيل يوم بدر * (موئلا) * أي ملجأ يقال وئل للرجل إذا لجأ * (وتلك القرى) * يعني عادا وثمود وغيرهم من المتقدمين والمراد هنا أهل القرى ولذلك قال أهلكناهم وفي ضمن هذا الإخبار تهديد لكفار قريش * (وجعلنا لمهلكهم موعدا) * أي وقتا معلوما والمهلك هنا بضم الميم وفتح اللام اسم مصدر من أهلك فالمصدر على هذا مضاف للمفعول لأن الفعل متعدي وقرئ بفتح الميم من هلك فالمصدر على هذا مضاف للفاعل * (وإذ قال موسى لفتاه) * هذا ابتداء قصة موسى مع الخضر وهو موسى ابن عمران نبي الله وقال قوم هو موسى آخر وذلك باطل رده ابن عباس وغيره ويدل الحديث على بطلانه وفتاه هو يوشع بن نون وهو ابن أخت موسى وهو من ذرية يوسف عليه السلام والفتى هنا بمعنى الخديم وسبب القصة فيما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح أن موسى عليه السلام خطب يوما في بني إسرائيل فقيل له هل تعلم أحدا أعلم منك فقال لا فأوحى الله إليه أن بل عبدنا الخضر أعلم منك فقال يا رب دلني على السبيل إلى لقائه فأوحى الله إليه أن يحمل حوتا في مكتل ويسير بطول سيف البحر حتى يبلغ مجمع البحرين فإذا فقد الحوت فإن الخضر هناك ففعل موسى ذلك حتى لقيه * (لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين) * قال موسى هذا الكلام وهو سائر أي لا أبرح أسير حتى أبلغ مجمع البحرين فحذف خبر لا أبرح اختصارا لدلالة المعنى عليه ومعنى لا أبرح هنا لا أزال لأن حقيقة لا أبرح تقتضي الإقامة في الموضع وكان موسى حين قالها على سفر لا يريد إقامة ومجمع البحرين عند طنجة حيث يجتمع البحر المحيط والبحر الخارج منه وهو بحر الأندلس وقيل هو مجمع بحر فارس وبحر الروم في المشرق * (أو أمضي حقبا) * أي زمانا طويلا والحقب بضم القاف وإسكانها ثمانون سنة وقيل زمان غير محدود وقيل هي جمع حقبة وهي السنة " فلما بلغ مجمع بينهما " الضمير في بلغا لموسى وفتاه والضمير في بينهما للبحرين * (نسيا حوتهما) * نسب النسيان إليهما وإنما كان النسيان من الفتى وحده كما تقول فعل بنو فلان كذا إذا فعله واحد منهم وقيل نسي الفتى أن يقدمه ونسي موسى أن يأمره فيه
(١٩١)