التسهيل لعلوم التنزيل - الغرناطي الكلبي - ج ١ - الصفحة ١٤٤
الآية وذلك على الندب عند مالك ويستوعب الوجه بالمسح وأما اليدان فاختلف هل يمسحهما إلى الكوعين أو إلى المرفقين ولفظ الآية محتمل لأنه لم يحد وقد احتج من قال إلى المرفقين بأن هذا مطلق فيحمل على المقيد وهو تحديدها في الوضوء بالمرفقين * (الذين أوتوا نصيبا من الكتاب) * هم اليهود هنا وفي الموضع الثاني قال السهيلي فالموضع الأول نزل في رفاعة بن زيد بن التابوت وفي الثاني نزل في كعب بن الأشرف * (يشترون الضلالة) * عبارة عن إيثارهم الكفر على الإيمان فالشراء مجاز كقوله * (اشتروا الضلالة بالهدى) * وفي تكرار قوله كفى بالله مبالغة * (من الذين هادوا) * من راجعة إلى الذين أوتوا نصيبا أو إلى أعدائكم فهي بيان وقال الفارسي هي ابتداء كلام تقديره من الذين هادوا قوم وقيل هي متعلقة بنصيرا على قول الفارسي * (يحرفون الكلم) * يحتمل تحريف اللفظ أو المعنى وقيل الكلم هنا التوراة وقيل كلام النبي صلى الله عليه وسلم * (غير مسمع) * معناه لا سمعت * (راعنا) * ذكر في البقرة * (سمعنا وأطعنا) * عوض من قولهم سمعنا وعصينا واسمع عوض من قولهم اسمع غير مسمع وانظرنا عوض من قولهم راعنا وهو النظر أو الانتظار فهذه الأشياء الثلاثة في مقابلة الأشياء الثلاثة التي ذمهم على قولها لما فيها من سوء الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبر أنهم لو قالوا هذه الثلاثة الأخر عوضا عن تلك لكان خيرا لهم فإن هذه ليس فيها سوء أدب * (مصدقا) * ذكر في البقرة * (أن نطمس وجوها) * قال ابن عباس طمسها أن تزال العيون منها وترد في القفا فيكون ذلك ردا على الدبر وقيل طمسها محو تخطيط صورها من أنف أو عين أو حاجب حتى تصير كالأدبار في خلوها عن الحواس * (أو نلعنهم) * أي نمسخهم كما مسخ أصحاب السبت وقد ذكر في البقرة أو يكون من اللعن المعروف والضمير يعود على الوجوه والمراد أصحابها أو على الذين أوتوا الكتاب على الالتفات * (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) * هذه الآية هي الحاكمة في مسئلة الوعيد وهي المبينة لما تعارض فيها من الآيات وهي الحجة لأهل السنة والقاطعة بالخوارج والمعتزلة والمرجئة وذلك أن مذهب أهل السنة أن العصاة من المؤمنين في مشيئة الله إن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم وحجتهم هذه الآية فإنها نص في هذا المعنى ومذهب الخوارج أن العصاة يعذبون ولا بد سواء كانت ذنوبهم صغائر أو كبائر ومذهب المعتزلة أنهم يعذبون على الكبائر ولا بد ويرد على الطائفتين قوله * (ويغفر ما دون ذلك) * ومذهب المرجئة أن العصاة كلهم يغفر لهم ولا بد وأنه لا يضر ذنب مع الإيمان ويرد عليهم قوله * (لمن يشاء) * فإنه
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»