عليهم واستدراجا لهم إلى الاعتراف به ثم أخذهم بالاحتجاج من باب الاحتياط فقال * (وإن يك كاذبا فعليه كذبه) * لا يتخطاه وبال كذبه فيحتاج في دفعه إلى قتله * (وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم) * فلا أقل من أن يصيبكم بعضه وفيه مبالغة في التحذير وإظهار للإنصاف وعدم التعصب ولذلك قدم كونه كاذبا أو يصبكم ما يعدكم من عذاب الدنيا وهو بعض مواعيده كأنه خوفهم بما هو أظهر احتمالا عندهم وتفسير ال * (بعض) * بالكل كقول لبيد (تراك أمكنة إذا لم أرضها أو يرتبط بعض النفوس حمامها) مردود لأنه أراد بال * (بعض) * نفسه * (إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب) * احتجاج ثالث ذو وجهين أحدهما أنه لو كان مسرفا كذابا لما هداه الله إلى البينات ولما عضده بتلك المعجزات وثانيهما أن من خذله الله أهلكه فلا حاجة لكم إلى قتله ولعله أراد به المعنى الأول وخيل إليهم الثاني لتلين شكيمتهم وعرض به لفرعون بأنه * (مسرف كذاب) * لا يهديه الله سبيل الصواب وطريق النجاة * (يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين) * غالبين عالين * (في الأرض) * أرض مصر * (فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا) * أي فلا تفسدوا أمركم ولا تتعرضوا لبأس الله بقتله فإنه إن جاءنا لم يمنعنا منه أحد و إنما أدرج نفسه في الضميرين لأنه كان منهم في القرابة وليريهم أنه معهم ومساهمهم فيما ينصح لهم * (قال فرعون ما أريكم) * ما أشير عليكم * (إلا ما أرى) * وأستصوبه من قتله وما أعلمكم إلا ما علمت من الصواب وقلبي ولساني متواطئان عليه * (وما أهديكم إلا سبيل الرشاد) * طريق الصواب وقرئ بالتشديد على أنه فعال للمبالغة من رشد كعلام أو من رشد كعباد لا من أرشد كجبار من أجبر لأنه مقصور على السماع أو بالنسبة إلى الرشد كعواج وبتات
(٩١)