تفسير البيضاوي - البيضاوي - ج ٥ - الصفحة ٢١٣
دلت على بلوغهم أقصى الكمال مبالغة في الاعتداد بغضهم والارتضاء له وتعريضا بشناعة الرفع والجهر وأن حال المرتكب لهما على خلاف ذلك * (إن الذين ينادونك من وراء الحجرات) * من خارجها خلفها أو قدامها ومن ابتدائية فإن المناداة نشأت من جهة الوراء وفائدتها الدلالة على أن المنادي داخل الحجرة إذ لا بد وأن يختلف المبتدأ والمنتهى بالجهة وقرئ الحجرات بفتح الجيم وسكونها وثلاثتها جمع حجرة وهي القطعة من الأرض المحجورة بحائط ولذلك يقال لحظيرة الإبل حجرة وهي فعلة بمعنى مفعول كالغرفة والقبضة والمراد حجرات نساء النبي صلى الله عليه وسلم وفيها كناية عن خلوته بالنساء ومناداتهم من ورائها بإبأنهم أتوها حجرة حجرة فنادوه من ورائها أو بأنهم تفرقوا على الحجرات متطلبين له فأسند فعل الأبعاض إلى الكل وقيل إن الذي ناداه عيينة بن حصن والأقرع بن حابس وفدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعين رجلا من بني تميم وقت الظهيرة وهو راقد فقالا يا محمد اخرج إلينا وإنما أسند إلى جميعهم لأنهم رضوا بذلك أو أمروا به أو لأنه وجد فيما بينهم * (أكثرهم لا يعقلون) * إذ العقل يقتضي حسن الأدب ومراعاة الحشمة سيما لمن كان بهذا المنصب * (ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم) * أي ولو ثبت صبرهم وانتظارهم حتى تخرج إليهم فإن أن وإن دلت بما في حيزها على المصدر دلت بنفسها على الثبوت ولذلك وجب إضمار الفعل وحتى تفيد أن الصبر ينبغي أن يكون مغنيا بخروجه فإن حتى مختصة بغاية الشيء في نفسه ولذلك تقول أكلت السمكة حتى رأسها ولا تقول نصفها
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»