فرعون كان أولى بذلك * (ألا يتقون) * استئناف أتبعه إرساله إليهم للإنذار تعجيبا له من إفراطهم في الظلم واجترائهم عليه وقرئ بالتاء على الالتفات إليهم زجرا لهم وغضبا عليهم وهم وإن كان غبيا حينئذ أجروا مجرى الحاضرين في كلام المرسل إليهم من حيث أنه مبلغه إليهم وإسماعه مبدأ إسماعهم مع ما فيه من مزيد الحث على التقوى لمن تدبره وتأمل مورده وقرئ بكسر النون اكتفاء بها عن ياء الإضافة ويحتمل أن يكون بمعنى ألا يا ناس اتقون كقوله ألا يا اسجدوا * (قال رب إني أخاف أن يكذبون ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون) * رتب استدعاء ضم أخيه إليه وإشراكه له في الأمر على الأمور الثلاثة خوف التكذيب وضيق القلب انفعالا عنه وازدياد الحبسة في اللسان بانقباض الروح إلى باطن القلب عند ضيقه بحيث لا ينطلق لأنها إذا اجتمعت مست الحاجة إلى معين يقوي قلبه وينوب منابه متى تعتريه حبسه حتى لا تختل دعوته ولا تنبثر حجته وليس ذلك تعللا منه وتوقفا في تلقي الأمر بل طلبا لما يكون معونة على امتثاله وتمهيد عذره فيه وقرأ يعقوب * (ويضيق) * * (ولا ينطلق) * بالنصب عطفا على * (يكذبون) * فيكونان من جملة من خاف منه * (ولهم علي ذنب) * أي تبعه ذنب فحذف المضاف أو سمي باسمه والمراد قتل القبطي وإنما سماه ذنبا سماه ذنبا على زعمهم وهذا اختصار قصته المبسوطة في مواضع * (فأخاف أن يقتلون) * به قبل أداء الرسالة وهو أيضا ليس تعللا وإنما هو استدفاع للبلية المتوقعة كما أن ذاك استمداد واستظهار في أمر الدعوة وقوله * (قال كلا فاذهبا بآياتنا) * إجابة له إلى الطلبتين بوعده بدفع بلائهم اللازم ردعه عن الخوف وضم أخيه إليه في الإرسال والخطاب في * (فاذهبا) * على تغليب الحاضر لأنه معطوف على الفعل الذي يدل عليه * (كلا) * كأنه قيل ارتدع يا موسى عما تظن فاذهب أنت والذي طلبته * (إنا معكم) * يعني موسى وهارون وفرعون * (مستمعون) * سامعون لما يجري بينكما وبينه فأظهركما عليه مثل نفسه تعالى بمن حضر مجادلة قوم استماعا لما يجري بينهم وترقبا لإمداد أوليائه منهم مبالغة في الوعد بالإعانة ولذلك تجوز بالاستماع الذي هو بمعنى الإصغاء للسمع الذي هو مطلق إدراك الحروف والأصوات وهو خبر ثان أو الخبر وحده * (معكم) * لغو * (فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين) * أفرد الرسول لأنه مصدر وصف به فإنه مشترك بين المرسل والرسالة قال الشاعر
(٢٣٣)