المهدد يريد تعذيبه مجمعا عليه فيحمله بالأمر على ما يفضي به إليه وتسجيل بأن المهدد لا يتأتى منه إلا الشر كالمأمور به الذي لا يقدر أن ينقضي عنه * (فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار) * إن جعل * (من) * استفهامية بمعنى أينا تكون له عاقبة الدار الحسنى التي خلق الله لها هذه الدار فمحلها الرفع وفعل العلم معلق عنه وإن جعلت خبرية فالنصب ب * (تعلمون) * أي فسوف تعرفون الذي تكون له عاقبة الدار وفيه مع الإنذار إنصاف في المقال وحسن الأدب وتنبيه على وثوق المنذر بأنه محق وقرأ حمزة والكسائي * (يكون) * بالياء لأنه تأنيث العاقبة غير حقيقي * (إنه لا يفلح الظالمون) * وضع الظالمين موضع الكافرين لأنه أعم وأكثر فائدة * (وجعلوا) * أي مشركوا العرب * (لله مما ذرأ) * خلق * (من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم) * روي أنهم كانوا يعينون شيئا من حرث ونتائج لله ويصرفونه إلى الضيفان والمساكين وشيئا منهما لآلهتهم وينفقونه على سدنتها ويذبحونه عندها ثم إن رأوا ما عينوا لله أزكى بدلوه بما لآلهتهم وإن رأوا ما لآلهتهم أزكى تركوه لها حبا لآلهتهم وفي قوله * (مما ذرأ) * تنبيه على فرط جهالتهم فإنهم أشركوا الخالق في خلقه جمادا لا يقدر على شيء ثم رجحوه عليه بأن جعلوا الزاكي له وفي قوله * (بزعمهم) * تنبيه على أن ذلك مما اخترعوه لم يأمرهم الله به وقرأ الكسائي بالضم في الموضعين وهو لغة فيه وقد جاء فيه الكسر أيضا كالود والود * (ساء ما يحكمون) * حكمهم هذا
(٤٥٥)