تفسير البيضاوي - البيضاوي - ج ٢ - الصفحة ٢٥٣
من صلاة * (وساءت مصيرا) * جهنم والآية تدل على حرمة مخالفة الإجماع لأنه سبحانه وتعالى رتب الوعيد الشديد على المشاقة واتباع غير سبيل المؤمنين وذلك إما لحرمة كل واحد منهما أو أحدهما أو الجمع بينهما والثاني باطل إذ يقبح أن يقال من شرب الخمر وأكل الخبز استوجب الحد وكذا الثالث لأن المشاقة محرمة ضم إليها غيرها أو لم يضم وإذا كان اتباع غير سبيلهم محرما كان اتباع سبيلهم واجبا لأن ترك اتباع سبيلهم ممن عرف سبيلهم اتباع غير سبيلهم وقد استقصيت الكلام فيه في مرصاد الأفهام إلى مبادئ الأحكام * (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) * كرره للتأكيد أو لقصة طعمة وقيل جاء شيخ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال إني شيخ منهك في الذنوب ألا أني لم أشرك بالله شيئا منذ عرفته وآمنت به ولم اتخذ من دونه وليا ولم أوقع المعاصي جرأة وما توهمت طرفة عين أني أعجز الله هربا وإني لنادم تائب فما ترى حالي عند الله سبحانه وتعالى فنزلت * (ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا) * عن الحق فإن الشرك أعظم أنواع الضلالة وأبعدها عن الصواب والاستقامة وإنما ذكر في الآية الأولى فقد افترى لأنها متصلة بقصة أهل الكتاب ومنشأ شركهم كان نوع افتراء وهو دعوى التبني على الله سبحانه وتعالى * (إن يدعون من دونه إلا إناثا) * يعني اللات والعزى ومناة ونحوها كان لكل حي صنم يعبدونه ويسمونه أنثى بني فلان وذلك إما لتأنيث أسمائها كما قال
(٢٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 ... » »»