إلى الانفكاك والانحلال فكيف يعقل خلودها في الجنان قلت إنه تعالى يعيدها بحيث لا يتعورها الاستحالة بأن يجعل أجزاءها مثلا متقاومة في الكيفية متساوية في القوة لا يقوي شيء منها على إحالة الآخر متعانقة متلازمة لا ينفك بعضها عن بعض كما يشاهد في بعض المعادن. هذا وإن قياس ذلك العالم وأحواله على ما نجده ونشاهده من نقص العقل وضعف البصيرة واعلم أنه لما كان معظم اللذات الحسية مقصورا على المساكن والمطاعم والمناكح على ما دل عليه الاستقراء كان ملاك ذلك كله الدوام والثبات فإن كل نعمة جليلة إذا قارنها خوف الزوال كانت منغصة غير صافية من شوائب الألم بشر المؤمنين بها ومثل ما أعد لهم في الآخرة بأبهى ما يستلذ به منها وأزال عنهم خوف الفوات بوعد الخلود ليدل على كمالهم في التنعم والسرور.
(٢٥٣)