ابن عمر بن الخطاب عن مالك بن أنس في قوله تعالى: " وثيابك فطهر " أي لا تلبسها على غدرة، ومنه قول أبي كبشة (1):
ثياب بني عوف طهارى نقية * وأوجههم بيض المسافر غران يعني بطهارة ثيابهم: سلامتهم من الدناءات، ويعني بغرة وجوههم تنزيهم عن المحرمات، أو جمالهم في الخلقة أو كليهما، قاله ابن العربي. وقال سفيان بن عيينة: لا تلبس ثيابك على كذب ولا جور ولا غدر ولا إثم، قاله عكرمة. ومنه قول الشاعر:
* أو ذم حجا في ثياب دسم * أي قد دنسها بالمعاصي. وقال النابغة:
رقاق النعال طيب حجزاتهم * يحيون بالريحان يوم السباسب (2) ومن ذهب إلى القول الثامن قال: إن المراد بها الثياب الملبوسات، فلهم في تأويله أربعة أوجه: أحدهما - معناه وثيابك فأنق، ومنه قول امرئ القيس:
* ثياب بني عوف طهارى نقية * الثاني - وثيابك فشمر وقصر، فإن تقصير الثياب أبعد من النجاسة، فإذا انجرت على الأرض لم يؤمن أن يصيبها ما ينجسها، قاله الزجاج وطاوس. الثالث - " وثيابك فطهر " من النجاسة بالماء، قاله محمد بن سيرين وابن زيد والفقهاء. الرابع - لا تلبس ثيابك إلا من كسب حلال لتكون مطهرة من الحرام. وعن ابن عباس: لا تكن ثيابك التي تلبس من مكسب غير طاهر. ابن العربي وذكر بعض ما ذكرناه: ليس بممتنع أن تحمل الآية على عموم المراد فيها بالحقيقة والمجاز، وإذا حملناها على الثياب المعلومة الطاهرة فهي تتناول معنيين: أحدهما - تقصير الأذيال، لأنها إذا أرسلت تدنست، ولهذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لغلام من الأنصار وقد رأى ذيله مسترخيا: ارفع إزارك فإنه أتقى وأنقى وأبقى.