قال علماؤنا: فلما لم يتحدد وقته سقط اعتباره. وفي سنن أبي داود عن النعمان بن بشير قال:
أنا أعلمكم بوقت صلاة العشاء الآخرة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها لسقوط القمر الثالثة. وهذا تحديد، ثم الحكم معلق بأول الاسم. لا يقال: فينقض عليكم بالفجر الأول، فإنا نقول الفجر الأول لا يتعلق به حكم من صلاة ولا إمساك، لان النبي صلى الله عليه وسلم بين الفجر بقوله وفعله فقال: " وليس الفجر أن تقول هكذا - فرفع يده إلى فوق - ولكن الفجر أن تقول هكذا وبسطها " وقد مضى بيانه في آية الصيام من سورة " البقرة " (1)، فلا معنى للإعادة. وقال مجاهد: الشفق: النهار كله ألا تراه قال " والليل وما وسق ". وقال عكرمة: ما بقى من النهار. والشفق أيضا: الردئ من الأشياء، يقال: عطاء مشفق أي مقلل قال الكميت:
ملك أغر من الملوك تحلبت * للسائلين يداه غير مشفق قوله تعالى: (والليل وما وسق) أي جمع وضم ولف، وأصله من سورة السلطان وغضبه فلولا أنه خرج إلى العباد من باب الرحمة ما تمالك العباد لمجيئه ولكن خرج من باب الرحمة فمزح بها، فسكن الخلق إليه ثم ابذعروا؟ والتفوا وانقبضوا، ورجع كل إلى مأواه فسكن فيه من هوله وحشا، وهو قوله تعالى: " ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه " [القصص: 73] أي بالليل " ولتبتغوا من فضله " [القصص: 73] أي بالنهار على ما تقدم. فالليل يجمع ويضم ما كان منتشرا بالنهار في تصرفه. هذا معنى قول ابن عباس ومجاهد ومقاتل وغيرهم، قال ضابئ ابن الحارث البرجمي:
فإني وإياكم وشوقا إليكم * كقابض ماء لم تسقه أنامله يقول: ليس في يده من ذلك شئ كما أنه ليس في يد القابض على الماء شئ، فإذا جلل الليل الجبال والأشجار والبحار والأرض فاجتمعت له، فقد وسقها. والوسق: ضمك الشئ