لما بعث الله موسى إلى فرعون قال له: " أذهب إلى فرعون " إلى قوله " وأهديك إلى ربك فتخشى " ولن يفعل، فقال: يا رب، وكيف أذهب إليه وقد علمت أنه لا يفعل؟
فأوحى الله إليه أن امض إلى ما أمرتك به، فإن في السماء أثنى عشر ألف ملك يطلبون علم القدر، فلم يبلغوه ولا يدركوه. (فأراه الآية الكبرى) أي العلامة العظمى وهي المعجزة.
وقيل: العصا. وقيل: اليد البيضاء تبرق كالشمس. وروى الضحاك عن ابن عباس:
الآية الكبرى قال العصا. الحسن: يده وعصاه. وقيل: فلق البحر. وقيل: الآية:
إشارة إلى جميع آياته ومعجزاته. " فكذب " أي كذب نبي الله موسى " وعصى " أي عصى ربه عز وجل. (ثم أدبر يسعى) أي ولى مدبرا معرضا عن الايمان " يسعى " أي يعمل بالفساد في الأرض. وقيل: يعمل في نكاية موسى. وقيل: " أدبر يسعى " هاربا من الحية. " فحشر " أي جمع أصحابه ليمنعوه منها. وقيل: جمع جنوده للقتال والمحاربة، والسحرة للمعارضة. وقيل: حشر الناس للحضور. " فنادى " أي قال لهم بصوت عال (أنا ربكم الاعلى) أي لا رب لكم فوقي. ويروى: إن إبليس تصور لفرعون في صورة الانس بمصر في الحمام، فأنكره فرعون، فقال له إبليس: ويحك! أما تعرفني؟ قال: لا. قال:
وكيف وأنت خلقتني؟ ألست القائل أنا ربكم الاعلى. ذكره الثعلبي في كتاب العرائس.
وقال عطاء: كان صنع لهم أصناما صغارا وأمرهم بعبادتها، فقال أنا رب أصنامكم. وقيل:
أراد القادة والسادة، هو ربهم، وأولئك هم أرباب السفلة. وقيل: في الكلام تقديم وتأخير فنادى فحشر لان النداء يكون قبل الحشر. (فأخذه الله نكال الآخرة والأولى) أي نكال قوله: " ما علمت لكم من إله غيري " [القصص: 38] وقوله بعد: " أنا ربكم الاعلى " [النازعات: 24] قاله ابن عباس ومجاهد وعكرمة. وكان بين الكلمتين أربعون سنة، قاله ابن عباس. والمعنى: أمهله في الأولى، ثم أخذه في الآخرة، فعذبه بكلمتيه. وقيل: نكال الأولى: هو أن أغرقه، ونكال الآخرة: العذاب في الآخرة. وقاله قتادة وغيره. وقال مجاهد: هو عذاب أول عمره وآخره.
وقيل: الآخرة قوله " أنا ربكم الاعلى " والأولى تكذيبه لموسى. عن قتادة أيضا.