خفضا على النعت، " الرحمن " (1) رفعا على الابتداء، أي هو الرحمن. واختاره أبو عبيد وقال:
هذا أعدلها، خفض " رب " لقربه من قوله: " من ربك " فيكون نعتا له، ورفع " الرحمن " لبعده منه، على الاستئناف، وخبره " لا يملكون منه خطابا " أي لا يملكون أن يسألوه إلا فيما أذن لهم فيه. وقال الكسائي: " لا يملكون منه خطابا " بالشفاعة إلا بإذنه. وقيل:
الخطاب: الكلام، أي لا يملكون أن يخاطبوا الرب سبحانه إلا بإذنه، دليله: " لا تكلم نفس إلا بإذنه " [هود: 105]. وقيل: أراد الكفار " لا يملكون منه خطابا "، فأما المؤمنون فيشفعون.
قلت: بعد أن يؤذن لهم، لقوله تعالى: " من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه " وقوله تعالى: " يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا " [طه: 109].
قوله تعالى: (يوم تقوم الروح والملائكة صفا) " يوم " نصب على الظرف، أي يوم لا يملكون منه خطابا يوم يقوم الروح. واختلف في الروح على أقوال ثمانية: الأول - أنه ملك من الملائكة. قال ابن عباس: ما خلق الله مخلوقا بعد العرش أعظم منه، فإذا كان يوم القيامة قام هو وحده صفا وقامت الملائكة كلهم صفا، فيكون عظم خلقه مثل صفوفهم. ونحو منه عن ابن مسعود، قال: الروح ملك أعظم من السماوات السبع، ومن الأرضين السبع، ومن الجبال. وهو حيال السماء الرابعة (2)، يسبح الله كل يوم اثنتي عشرة ألف تسبيحة، يخلق الله من كل تسبيحة ملكا، فيجئ يوم القيامة وحده صفا، وسائر الملائكة صفا. الثاني - أنه جبريل عليه السلام. قاله الشعبي والضحاك وسعيد بن جبير. وعن ابن عباس: إن عن يمين العرش نهرا من نور، مثل السماوات السبع، والأرضين السبع، والبحار السبع، يدخل جبريل كل يوم فيه سحرا فيغتسل، فيزداد نورا على نوره، وجمالا على جماله، وعظما على عظمه، ثم ينتفض فيخلق الله من كل قطرة