الحاجب الآخر. فيقول له: نعم أيها الملك، قد أذن لك، فيدخل فيسلم عليه ويقول: السلام يقرئك السلام، وهذه تحفة، وهذا كتاب من رب العالمين إليك. فإذا هو مكتوب عليه:
من الحي الذي لا يموت، إلى الحي الذي يموت. فيفتحه فإذا فيه: سلام على عبدي ووليي ورحمتي وبركاتي، يا وليي أما آن لك أن تشتاق إلى رؤية ربك؟ فيستخفه الشوق فيركب البراق فيطير به البراق شوقا إلى زيادة علام الغيوب، فيعطيه ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. وقال سفيان الثوري: بلغنا أن الملك الكبير تسليم الملائكة عليهم، دليله قوله تعالى: " والملائكة يدخلون عليهم من كل باب. سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار " [الرعد: 23 - 24]. وقيل: الملك الكبير كون التيجان على رؤوسهم كما تكون على رأس ملك من الملوك.
وقال الترمذي الحكيم: يعني ملك التكوين، فإذا أرادوا شيئا قالوا له كن. وقال أبو بكر الوراق:
ملك لا يتعقبه هلك. وفي الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الملك الكبير هو [أن] (1) أدناهم منزلة ينظر في ملكه مسيرة ألفي عام، يرى أقصاه كما يرى أدناه) قال: [وإن أفضلهم منزلة من ينظر في وجه ربه تعالى كل يوم مرتين] سبحان المنعم (2).
قوله تعالى: (عاليهم ثياب سندس خضر واستبرق) قرأ نافع وحمزة وابن محيصن " عاليهم " ساكنة الياء، واختاره أبو عبيد اعتبارا بقراءة ابن مسعود وابن وثاب وغيرهما " عاليتهم " وبتفسير ابن عباس: أما رأيت الرجل عليه ثياب يعلوها أفضل منها. الفراء:
وهو مرفوع بالابتداء وخبره " ثياب سندس " واسم الفاعل يراد به الجمع. ويجوز في قول الأخفش أن يكون (3) إفراده على أنه اسم فاعل متقدم و " ثياب " مرتفعة به وسدت مسد الخبر، والإضافة فيه في تقدير الانفصال لأنه لم يخص، وابتدئ به لأنه أختص بالإضافة. وقرأ الباقون " عاليهم " بالنصب. وقال الفراء: هو كقولك فوقهم، والعرب تقول: قومك داخل الدار فينصبون داخل على الظرف، لأنه محل. وأنكر الزجاج هذا وقال: هو مما لا نعرفه في الظروف، ولو كان ظرفا لم يجز إسكان الياء. ولكنه بالنصب على الحال من شيئين: أحدهما الهاء والميم في قوله: