في الدنيا. وقد مضى القول فيه (1) في موضعه مستوفى. وقال عطية العوفي: ينظرون إلى الله لا تحيط أبصارهم به من عظمته، ونظره يحيط بها، يدل عليه: " لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار " [الانعام: 103] قال القشيري أبو نصر: وقيل: " إلى " واحد الآلاء: أي نعمه منتظرة وهذا أيضا باطل، لان واحد الآلاء يكتب بالألف لا بالياء، ثم الآلاء: نعمه الدفع (2)، وهم في الجنة لا ينتظرون دفع نقمه عنهم، والمنتظر للشئ متنغص العيش، فلا يوصف أهل الجنة بذلك. وقيل: أضاف النظر إلى الوجه، وهو كقوله تعالى: " تجري من تحتها الأنهار " [المائدة: 119] والماء يجري في النهر لا النهر. ثم قد يذكر الوجه بمعنى العين، قال الله تعالى: " فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا " [يوسف: 93] أي على عينيه. ثم لا يبعد قلب العادة غدا، حتى يخلق الرؤية والنظر في الوجه، وهو كقوله تعالى: " أفمن يمشي مكبا على وجهه " [الملك: 22]، فقيل: يا رسول الله! كيف يمشون في النار على وجوههم؟ قال: [الذي أمشاهم على أقدامهم قادر أن يمشيهم على وجوههم].
(ووجوه يومئذ باسرة) أي وجوه الكفار يوم القيامة كالحة كاسفة عابسة. وفي الصحاح:
وبسر الفحل الناقة وابتسرها: إذا ضربها من غير ضبعة (3). وبسر الرجل وجهه بسورا أي كلح، يقال: عبس وبسر. وقال السدي: " باسرة " أي متغيرة والمعنى واحد. (تظن أن يفعل بها فاقرة) أي توقن وتعلم، والفاقرة: الداهية والامر العظيم، يقال: فقرته الفاقرة: أي كسرت فقار ظهره. قال معناه مجاهد وغيره. وقال قتادة: الفاقرة الشر. السدي: الهلاك.
ابن عباس وابن زيد: دخول النار. والمعنى متقارب وأصلها الوسم على أنف البعير بحديدة أو نار حتى يخلص إلى العظم، قاله الأصمعي. يقال: فقرت أنف البعير: إذا حززته بحديدة ثم جعلت على موضع الحز الجرير (4) وعليه وتر ملوي، لتذلله بذلك وتروضه، ومنه قولهم:
قد عمل به الفاقرة. وقال النابغة:
أبى لي قبر لا يزال مقابلي * وضربة فأس فوق رأسي فاقره أي كاسرة.