وحمزة والكسائي وخلف " ويلقون " مخففة، واختاره الفراء، قال لان العرب تقول:
فلان يتلقى بالسلام وبالتحية وبالخير (بالتاء)، وقلما يقولون فلان يلقى السلامة. وقرأ الباقون " ويلقون " واختاره أبو عبيد وأبو حاتم، لقوله تعالى: " ولقاهم نضرة وسرورا ". قال أبو جعفر النحاس: وما ذهب إليه الفراء واختاره غلط، لأنه يزعم أنها لو كانت " يلقون " كانت في العربية بتحية وسلام، وقال كما يقال: فلان يتلقى بالسلام وبالخير، فمن عجيب ما في هذا الباب أنه قال يتلقى والآية " يلقون " والفرق بينهما بين. لأنه يقال فلان يتلقى بالخير ولا يجوز حذف (الباء)، فكيف يشبه هذا ذاك! وأعجب من هذا أن في القرآن " ولقاهم نضرة وسرورا " ولا يجوز أن يقرأ بغيره. وهذا يبين أن الأولى على خلاف ما قال.
والتحية من الله والسلام من الملائكة. وقيل: التحية البقاء الدائم والملك العظيم، والأظهر أنهما بمعنى واحد، وأنهما من قبل الله تعالى، دليله قوله تعالى: " تحيتهم يوم يلقونه سلام " وسيأتي. (خالدين) نصب على الحال (فيها حسنت مستقرا ومقاما).
قوله تعالى: (قل ما يعبأ بكم ربى لولا دعاؤكم) هذه آية مشكلة تعلقت بها الملحدة.
يقال: ما عبأت بفلان أي ما باليت به، أي ما كان له عندي وزن ولا قدر. وأصل يعبأ من العب ء وهو الثقل. وقول الشاعر (1):
كأن بصدره وبجانبيه * عبيرا بات يعبؤه عروس أي يجعل بعضه على بعض. فالعب ء الحمل الثقيل، والجمع أعباء. والعب ء المصدر.
وما استفهامية، ظهر في أثناء كلام الزجاج، وصرح به الفراء. وليس يبعد أن تكون نافية، لأنك إذا حكمت بأنها استفهام فهو نفي خرج مخرج الاستفهام، كما قال تعالى: " هل جزاء الاحسان إلا الاحسان " قال ابن الشجري: وحقيقة القول عندي أن موضع " ما " نصب، والتقدير: أي عب ء يعبأ بكم، أي أي مبالاة يبالي ربي بكم لولا دعاؤكم، أي لولا دعاؤه إياكم لتعبدوه، فالمصدر الذي هو الدعاء على هذا القول مضاف إلى مفعوله، وهو اختيار