من ذلك جنات تجرى من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا ". ويروى أن هذه الآية أنزلها رضوان خازن الجنان إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وفي الخبر: إن رضوان لما نزل سلم على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: يا محمد! رب العزة يقرئك السلام، وهذا سفط (1) - فإذا سفط من نور يتلألأ - يقول لك ربك: هذه مفاتيح خزائن الدنيا، مع أنه لا ينقص مالك في الآخرة مثل جناح بعوضة، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبريل كالمستشير له، فضرب جبريل بيده الأرض يشير أن تواضع، فقال: " يا رضوان لا حاجة لي فيها الفقر أحب إلى وأن أكون عبدا صابرا شكورا ". فقال رضوان: أصبت! الله لك. وذكر الحديث.
قوله تعالى: بل كذبوا بالساعة وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا (11) إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا (12) وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا (13) لا تدعوا اليوم ثبورا وحدا وادعوا ثبورا كثيرا (14) قوله تعالى: (بل كذبوا بالساعة) يريد يوم القيامة. (وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا) يريد جهنم تتلظى عليهم. (إذا رأتهم من مكان بعيد) أي من مسيرة خمسمائة عام.
(سمعوا لها تغيظا وزفيرا) قيل: المعنى إذا رأتهم جهنم سمعوا لها صوت التغيظ عليهم.
وقيل: المعنى إذا رأتهم خزانها سمعوا لهم تغيظا وزفيرا حرصا على عذابهم. والأول أصح، لما روى مرفوعا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من كذب على متعمدا فليتبوأ بين عيني جهنم مقعدا " قيل: يا رسول الله! ولها عينان؟ قال: " أما سمعتم الله عز وجل يقول: " إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا " يخرج عنق من النار له عينان تبصران ولسان ينطق فيقول وكلت بكل من جعل مع الله إلها آخر فلهو أبصر بهم من الطير بحب السمسم فيلتقطه " في رواية " فيخرج عنق من النار فيلتقط الكفار لقط الطائر حب