(وخلق كل شئ) لا كما قال المجوس والثنوية: إن الشيطان أو الظلمة يخلق بعض الأشياء. ولا كما يقول من قال: للمخلوق قدرة الايجاد. فالآية رد على هؤلاء. (فقدره تقديرا) أي قدر كل شئ مما خلق بحكمته على ما أراد، لا عن سهوة وغفلة، بل جرت المقادير على ما خلق الله إلى يوم القيامة، وبعد القيامة، فهو الخالق المقدر، فإياه فاعبدوه.
قوله تعالى: (واتخذوا من دون آلهة) ذكر ما صنع المشركون على جهة التعجيب في اتخاذهم الآلهة، مع ما أظهر من الدلالة على وحدانيته وقدرته. (لا يخلق شيئا) يعنى الآلهة. (وهم يخلقون) لما اعتقد المشركون فيها أنها تضر وتنفع، عبر عنها كما يعبر عما يعقل. (ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا) أي لا دفع ضر وجلب نفع، فحذف المضاف. وقيل: لا يقدرون أن يضروا أنفسهم أو ينفعوها بشئ، ولا لمن يعبدهم، لأنها جمادات. (ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا) أي لا يميتون أحدا، ولا يحيونه.
والنشور: الاحياء بعد الموت، أنشر الله الموتى فنشروا. وقد تقدم (1). وقال الأعشى:
حتى يقول الناس مما رأوا * يا عجبا للميت الناشر قوله تعالى: وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاؤوا ظلما وزورا (4) وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا (5) قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض إنه كان غفورا رحيما (6) قوله تعالى: (وقال الذين كفروا) يعنى مشركي قريش. وقال ابن عباس: القائل منهم ذلك النضر بن الحرث، وكذا كل ما في القرآن فيه ذكر الأساطير. قال محمد بن إسحاق : وكان مؤذيا للنبي صلى الله عليه وسلم. (إن هذا) يعنى القرآن. (إلا إفك افتراه) أي كذب اختلقه. (وأعانه عليه قوم آخرون) يعنى اليهود، قاله مجاهد. وقال ابن عباس: