التعبد في غسل الاناء، ومن حجته السنة خاصمته، وما خالفها مطرح. وبالله التوفيق.
ومن حجتهم أيضا ما رواه قرة بن خالد عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " طهور الاناء إذا ولغ فيه الهر أن يغسل مرة أو مرتين " شك قرة. وهذا الحديث لم يرفعه إلا قرة بن خالد، وقرة ثقة ثبت.
قلت: هذا الحديث أخرجه الدارقطني، ومتنه: " طهور الاناء إذا ولغ فيه الكلب أن يغسل سبع مرات الأولى بالتراب والهر مرة أو مرتين ". قرة شك. قال أبو بكر:
كذا رواه أبو عاصم مرفوعا، ورواه غيره عن قرة (ولوغ الكلب) مرفوعا و (ولوغ الهر) موقوفا. وروى أبو صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يغسل الاناء من الهر كما يغسل من الكلب " قال الدارقطني: لا يثبت هذا مرفوعا والمحفوظ من قول أبي هريرة واختلف عنه. وذكر معمر وابن جريج عن ابن طاوس عن أبيه أنه كان يجعل الهر مثل الكلب. وعن مجاهد أنه قال في الاناء يلغ فيه السنور قال: اغسله سبع مرات.
قال الدارقطني.
التاسعة - الماء المستعمل طاهر إذا كانت أعضاء المتوضئ به طاهرة، إلا أن مالكا وجماعة من الفقهاء الجلة كانوا يكرهون الوضوء به. وقال مالك: لا خير فيه، ولا أحب لاحد أن يتوضأ به، فإن فعل وصلى لم أر عليه إعادة الصلاة ويتوضأ لما يستقبل.
وقال أبو حنيفة والشافعي وأصحابهما: لا يجوز استعماله في رفع الحدث، ومن توضأ به أعاد، لأنه ليس بماء مطلق، ويتمم واجده لأنه ليس بواجد ماء. وقال بقولهم في ذلك اصبغ بن الفرج، وهو قول الأوزاعي. واحتجوا بحديث الصنابحي خرجه مالك وحديث عمرو بن عنبسة أخرجه مسلم، وغير ذلك من الآثار. وقالوا: الماء إذا توضئ به خرجت الخطايا معه، فوجب التنزه عنه لأنه ماء الذنوب. قال أبو عمر: وهذا عندي لا وجه له، لان الذنوب لا تنجس الماء لأنها لا أشخاص لها ولا أجسام تمازج الماء فتفسد، وإنما معنى قوله " خرجت الخطايا مع الماء " إعلام منه بأن الوضوء للصلاة عمل يكفر الله به السيئات عن عباده