مطلعا مشرقا، وهو أن بناء فعول للمبالغة، إلا أن المبالغة قد تكون في الفعل المتعدى كما قال الشاعر:
* ضروب بنصل السيف سوق سمانها (1) * وقد تكون في الفعل القاصر كما قال الشاعر:
* نؤوم الضحا لم تنتطق عن تفضل (2) * وإنما تؤخذ طهورية الماء لغيره من الحسن نظافة ومن الشرع طهارة، كقوله عليه السلام: " لا يقبل الله صلاة بغير طهور ". وأجمعت الأمة لغة وشريعة على أن وصف طهور يختص بالماء ولا يتعدى إلى سائر المائعات وهي طاهرة، فكان اقتصارهم بذلك على الماء أدل دليل على أن الطهور هو المطهر، وقد يأتي فعول لوجه آخر ليس من هذا كله وهو العبارة به الآلة للفعل لا عن الفعل كقولنا: وقود وسحور بفتح الفاء، فإنها عبارة عن الحطب والطعم المتسحر به، فوصف الماء بأنه طهور (بفتح الطاء) أيضا يكون خبرا عن الآلة التي يتطهر بها. فإذا ضمت الفاء في الوقود والسحور والطهور عاد إلى الفعل وكان خبرا عنه.
فثبت بهذا أن اسم الفعول (بفتح الفاء) يكون بناء للمبالغة ويكون خبرا عن الآلة، وهو الذي خطر ببال الحنفية، ولكن قصرت أشداقها عن لوكه، وبعد هذا يقف البيان عن المبالغة وعن الآلة على الدليل بقوله تعالى: " وأنزلنا من السماء ماء طهورا ". وقوله عليه السلام:
" جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا " يحتمل المبالغة ويحتمل العبارة به عن الآلة، فلا حجة فيه لعلمائنا، لكن يبقى قول: " ليطهركم به " نص في أن فعله يتعدى إلى غيره.
الثانية - المياه المنزلة من السماء والمودعة في الأرض طاهرة مطهرة على اختلاف ألوانها وطعومها وأرياحها حتى يخالطها غيرها، والمخالط للماء على ثلاثة أضرب: ضرب يوافقه