قوله تعالى: (ولا يصدنك عن آيات الله بعد إذ أنزلت إليك) يعني أقوالهم وكذبهم وأذاهم، ولا تلتفت نحوهم وامض لأمرك وشأنك. وقرأ يعقوب " يصدنك " مجزوم النون.
وقرئ " يصدنك " من أصده بمعنى صده وهي لغة في كلب. قال الشاعر (1):
أناس أصدوا الناس بالسيف عنهم * صدود السواقي عن أنوف الحوائم (2) (وادع إلى ربك) أي إلى التوحيد. وهذا يتضمن المهادنة والموادعة. وهذا كله منسوخ بآية السيف. وسبب هذه الآية ما كانت قريش تدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تعظيم أوثانهم، وعند ذلك ألقى الشيطان في أمنيته أمر الغرانيق على ما تقدم (3). والله أعلم.
قوله تعالى: (ولا تدع مع الله إلها آخر) أي لا تعبد معه غيره فإنه لا إله إلا هو.
نفي لكل معبود وإثبات لعبادته. (كل شئ هالك إلا وجهه) قال مجاهد: معناه إلا هو.
وقال الصادق: دينه. وقال أبو العالية وسفيان: أي إلا ما أريد به وجهه، أي ما يقصد إليه بالقربة. قال:
أستغفر الله ذنبا لست محصيه * رب العباد إليه الوجه والعمل وقال محمد بن يزيد: حدثني الثوري قال سألت أبا عبيدة عن قوله تعالى: " كل شئ هالك إلا وجهه " فقال: إلا جاهه، كما تقول لفلان وجه في الناس أي جاه. (له الحكم) في الأولى والآخرة (وإليه ترجعون). قال الزجاج: " وجهه " منصوب على الاستثناء، ولو كان في غير القرآن كان إلا وجهه بالرفع، بمعنى كل شئ غير وجهه هالك كما قال (4): وكل أخ مفارقة أخوه * لعمر أبيك إلا الفرقدان والمعنى كل أخ غير الفرقدين مفارقه أخوه. " وإليه ترجعون " بمعنى ترجعون إليه.
تمت سورة القصص والحمد لله