عن النحاة وقال في آخره: والقول في " سبأ " ما جاء التوقيف فيه أنه في الأصل اسم رجل، فإن صرفته فلانه قد صار اسما للحي، وإن لم تصرفه جعلته اسما للقبيلة مثل ثمود إلا أن الاختيار عند سيبويه الصرف وحجته في ذلك قاطعة، لان هذا الاسم لما كان يقع له التذكير والتأنيث كان التذكير أولى، لأنه الأصل والأخف.
الثامنة - وفي الآية دليل على أن الصغير يقول للكبير والمتعلم للعالم عندي ما ليس عندك إذا تحقق ذلك وتيقنه. هذا عمر بن الخطاب مع جلالته رضي الله عنه وعلمه لم يكن عنده علم بالاستئذان. وكان علم التيمم عند عمار وغيره، وغاب عن عمر وابن مسعود حتى قالا: لا يتيمم الجنب. وكان حكم الاذن في أن تنفر الحائض عند ابن عباس ولم يعلمه عمر ولا زيد بن ثابت. وكان غسل رأس المحرم معلوما عند ابن عباس وخفي عن المسور بن مخرمة. ومثله كثير فلا يطول به.
التاسعة - قوله تعالى: (إني وجدت امرأة تملكهم) لما قال الهدهد:
" وجئتك من سبأ بنبأ يقين " قال سليمان: وما ذلك الخبر؟ قال: " إني وجدت امرأة تملكهم " يعنى بلقيس بنت شراحيل تملك أهل سبأ. ويقال: كيف وخفي على سليمان مكانها وكانت المسافة بين محطه وبين بلدها قريبة، وهي من مسيرة ثلاث بين صنعاء ومأرب؟
والجواب أن الله تعالى أخفى ذلك عنه لمصلحة، كما أخفى على يعقوب مكان يوسف. ويروى أن أحد أبويها كان من الجن. قال ابن العربي: وهذا أمر تنكره الملحدة، ويقولون:
الجن لا يأكلون ولا يلدون، كذبوا لعنهم الله أجمعين، ذلك صحيح ونكاحهم جائز عقلا فإن صح نقلا فبها ونعمت.
قلت: خرج أبو داود من حديث عبد الله بن مسعود أنه قال: قدم وفد من الجن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا محمد انه أمتك أن يستنجوا بعظم أو روثة أو جمجمة فإن الله جاعل لنا فيها رزقا. وفي صحيح مسلم فقال: " لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحما وكل بعرة علف لدوابكم " فقال رسول الله صلى الله