ومما حده الله عز وجل، فإن تجاوز ذلك فقد انتصر بالباطل. وقال أبو الحسن المبرد:
لما نزلت: " والشعراء " جاء حسان وكعب بن مالك وابن رواحة يبكون إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا نبي الله! أنزل الله تعالى هذه الآية، وهو تعالى يعلم أنا شعراء؟ فقال:
" اقرأوا ما بعدها " إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات " - الآية - أنتم " وانتصروا من بعد ما ظلموا " أنتم " أي بالرد على المشركين. قال النبي صلى الله عليه وسلم: " انتصروا ولا تقولوا إلا حقا ولا تذكروا الآباء والأمهات " فقال حسان لأبي سفيان:
هجوت محمدا فأجبت عنه * وعند الله في ذاك الجزاء وإن أبى ووالدتي وعرضي * لعرض محمد منكم وقاء أتشتمه ولست له بكف ء * فشركما لخيركما الفداء لساني صارم لا عيب فيه * وبحري لا تكدره الدلاء وقال كعب يا رسول الله! إن الله قد أنزل في الشعر ما قد علمت فكيف ترى فيه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن المؤمن يجاهد بنفسه وسيفه ولسانه والذي نفسي بيده لكأن ما ترمونهم به نضح النبل ". وقال كعب:
جاءت سخينة (1) كي تغالب ربها * وليغلبن مغالب الغلاب فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لقد مدحك الله يا كعب في قولك هذا ". وروى الضحاك عن ابن عباس أنه قال في قوله تعالى: " والشعراء يتبعهم الغاوون " منسوخ بقوله:
" إلا الذين أمنوا وعملوا الصالحات ". قال المهدوي: وفي الصحيح عن ابن عباس أنه استثناء. (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) في هذا تهديد لمن انتصر بظلم [أي] (2) سيعلم الظالمون كيف يخلصون من بين يدي الله عز وجل، فالظالم ينتظر العقاب، والمظلوم ينتظر النصرة. وقرأ ابن عباس: " أي منفلت ينفلتون " بالفاء والتاء ومعناهما واحد الثعلبي:
ومعنى " أي منقلب ينقلبون " أي مصير يصيرون وأي مرجع يرجعون، لان مصيرهم إلى