العلماء على تحريمه. وقال بعض العلماء: إنه كالفاعل بنفسه، وهي معصية أحدثها الشيطان وأجراها بين الناس حتى صارت قيلة، ويا ليتها لم تقل، ولو قام الدليل على جوازها لكان ذو المروءة يعرض عنها لدناءتها. فإن قيل: إنها خير من نكاح الأمة، قلنا: نكاح الأمة ولو كانت كافرة على مذهب بعض العلماء خير من هذا، وإن كان قد قال به قائل أيضا، ولكن الاستمناء ضعيف في الدليل، عار بالرجل الدنئ (1) فكيف بالرجل الكبير.
السادسة - قوله تعالى: (إلا على أزواجهم) قال الفراء: أي من أزواجهم اللاتي أحل الله لهم لا يجاوزون (2). (أو ما ملكت أيمانهم) في موضع خفض معطوفة على " أزواجهم " و " ما " مصدرية. وهذا يقتضى تحريم الزنى، وما قلناه من الاستنماء، ونكاح المتعة، لان المتمتع بها لا تجرى مجرى الزوجات، لا ترث ولا تورث، ولا يلحق به ولدها، ولا يخرج من نكاحها بطلاق يستأنف لها، وإنما يخرج بانقضاء المدة التي عقدت عليها وصارت كالمستأجرة. ابن العربي: إن قلنا إن نكاح المتعة جائز فهي زوجة إلى أجل ينطلق عليها اسم الزوجية. وإن قلنا بالحق الذي أجمعت عليه الأمة من تحريم نكاح المتعة لما كانت زوجة فلم تدخل في الآية.
قلت: وفائدة هذا الخلاف هل يجب الحد ولا يلحق الولد كالزنى الصريح، أو يدفع الحد للشبهة ويلحق الولد؟ قولان لأصحابنا. وقد كان للمتعة في التحليل والتحريم أحوال، فمن ذلك أنها كانت مباحة ثم حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن خيبر، ثم حللها في غزاة الفتح، ثم حرمها بعد، قاله ابن خويز منداد من أصحابنا وغيره، وإليه أشار ابن العربي.
وقد مضى في " النساء " القول فيها مستوفى (3).
السابعة - قوله تعالى: (فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون) فسمى من نكح ما (4) لا يحل عاديا، وأوجب عليه الحد لعدوانه، واللائط عاد قرآنا ولغة، بدليل قوله تعالى: " بل أنتم قوم عادون " [الشعراء: 166] وكما تقدم في " الأعراف (5) "، فوجب أن يقام الحد عليهم، وهذا ظاهر لا غبار عليه.