قوله تعالى: والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون (197) وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتريهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون (198) قوله تعالى: (والذين تدعون من دونه) كرره ليبين أن ما يعبدونه لا ينفع ولا يضر.
(وإن تدعوهم إلى الهدى) شرط، والجواب (لا يسمعوا). (وتراهم) مستأنف.
(ينظرون إليك) في موضع الحال. يعني الأصنام. ومعنى النظر فتح العينين المنظور إليه، وتراهم كالناظرين إليك. وخبر عنهم بالواو وهي جماد لا تبصر، لأن الخبر جرى على فعل من يعقل. وقيل: كانت لهم أعين من جواهر مصنوعة فلذلك قال " وتراهم ينظرون " وقيل: المراد بذلك المشركون، أخبر عنهم بأنهم لا يبصرون حين لم ينتفعوا بأبصارهم.
قوله تعالى: خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجهلين (199) فيه ثلاث مسائل: الأولى - هذه الآية من ثلاث كلمات، تضمنت قواعد الشريعة في المأمورات والمنهيات. فقوله: (خذ العفو) دخل فيه صلة القاطعين، والعفو عن المذنبين، والرفق بالمؤمنين، وغير ذلك من أخلاق المطيعين ودخل في قوله: (وأمر بالعرف) صلة الأرحام، وتقوى الله في الحلال والحرام، وغض الأبصار، والاستعداد لدار القرار. وفي قوله (وأعرض عن الجاهلين) الحض على التعلق بالعلم، والإعراض عن أهل الظلم، والتنزه عن منازعة السفهاء، ومساواة الجهلة الأغبياء، وغير ذلك من الأخلاق الحميدة والأفعال الرشيدة.
قلت: هذه الخصال تحتاج إلى بسط، وقد جمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم لجابر بن سليم. قال جابر بن سليم أبو جري: ركبت قعودي ثم أتيت إلى مكة فطلبت رسول الله