إلى آية 34] * (إن الذين جاؤوا بالإفك) * إلى قوله: * (لهم مغفرة ورزق كريم) * إنما عظم أمر الإفك وغلظ في الوعيد عليه بما لم يغلظ في غيره من المعاصي، وبالغ في العقاب عليه بما لم يبالغ به في باب الزنا وقتل النفس المحرمة لأن عظم الرذيلة وكبر المعصية إنما يكون على حسب القوة التي هي مصدرها. وتتفاوت حال الرذائل في حجب صاحبها عن الحضرة الإلهية والأنوار القدسية وتوريطه في المهالك الهيولانية والمهاوي الظلمانية على حسب تفاوت مباديها. فكلما كانت القوة التي هي مصدرها ومبدؤها أشرف، كانت الرذيلة الصادرة منها أردأ وبالعكس، لأن الرذيلة ما تقابل الفضيلة. فلما كانت الفضيلة أشرف كان ما يقابلها من الرذيلة أخس، والإفك رذيلة القوة الناطقة التي هي أشرف القوى الإنسانية، والزنا رذيلة القوة الشهوانية، والقتل رذيلة القوة الغضبية فبحسب شرف الأولى على الباقيتين تزداد رداءة رذيلتها، وذلك أن الإنسان إنما يكون بالأولى إنسانا وترقيه إلى العالم العلوي، وتوجهه إلى الجناب الإلهي، وتحصيله للمعارف والكمالات، واكتسابه للخيرات والسعادات، إنما يكون بها، فإذا فسدت بغلبة الشيطنة
(٦٨)