إلى الآية 95] * (ولا نكلف نفسا إلا وسعها) * أي: لا نكلف كل أحد بمقامات السابقين فإنها مقامات لا يبلغها إلا الأفراد كما قيل: جل جناب الحق أن يكن شريعة لكل وارد، أو يطلع عليه إلا واحد بعد واحد، بل كل مكلف بما يقتضيه استعداده بهويته من كماله اللائق به. وهو غاية وسعه. * (ولدينا كتاب) * هو اللوح المحفوظ أو أم الكتاب * (ينطق) * بمراتب استعداد كل نفس وحدود كمالاتها وغاياتها، وما هو حق كل منها * (وهم لا يظلمون) * بمنعهم عنه وحرمانهم إذا جاهدوا فيه وسعوا في طلبه بالرياضة، بل يعطى كل ما أمكنه الوصول إليه وما يشتاقه في السلوك إليه.
* (بل) * قلوب المحجوبين * (في غمرة) * غشاوات الهيولى وغفلة غامرة * (من هذا) * السبق وطلب الحق * (ولهم أعمال) * على خلاف ذلك موجبة للبعد عن هذا الباب وتكاثف الحجاب، أي: كما أن أعمال السابقين موجبة للترقي في التنور كشف الغطاء والوصول إلى الحق، فأعمالهم موجبة للتسفل والتكدر وغلظ الحجاب والطرد عن باب الحق لكونها في طلب الدنيا وشهواتها وهوى النفس ولذاتها. * (هم لها عاملون) * دائبون عليها مواظبون. وكلما سمعوا ذكر الآيات والكمالات ازدادوا عتوا وانهماكا في الغي، واستكبارا وتعمقا في الباطل، وهو النكوص على الأعقاب إلى مهاوي جحيم الطبيعة. ولما أبطلوا استعداداتهم واطفؤا أنوارها بالرين والطبع على مقتضى قوى النفس والطبع واشتد احتجابهم بالغواشي الهيولانية والهيئات الظلمانية من نور الهدى والعقل، لم يمكنهم تدبر القول ولم يفهموا حقائق التوحيد والعدل، فنسبوه إلى الجنة ولم يعرفوه للتقابل بين النور والظلمة والتضاد بين الباطل والحق وأنكروه وكرهوا الحق الذي جاء به.
* (ولو اتبع الحق) * الذي هو التوحيد والعدل، أي الدعوة إلى الذات والصفات * (أهواءهم) * المتفرقة في الباطل، الناشئة من النفوس الظالمة، المظلمة، المحتجبة بالكثرة عن الوحدة لصار باطلا لانعدام العدل الذي قامت به السماوات والأرض والتوحيد الذي قامت به الذوات المجردة، إذ بالوحدة بقاء حقائق الأشياء، وبظلها الذي