والأرضية عند ذلك التخيل الموهوم يقودونه إلى نيران الحرمان وخزي الخسران، ويوفونه ما يناسب اعتقاده الفاسد وعمله الباطل من حميم الجهل وغساق الظلمة.
* (أو كظلمات) * في بحر الهيولى اللجي العميق الغامر لجثة كل نفس جاهلة، محجوبة بهيئات بدنية، الغامس لكل ما يتعلق به من القوى النفسانية * (يغشاه موج) * الطبيعة الجسمانية * (من فوقه) * موج النفس النباتية * (من فوقه) * سحاب النفس الحيوانية وهيئاتها الظلمانية * (ظلمات) * متراكمة * (بعضها فوق بعض إذا أخرج) * المحجوب بها، المنغمس، المحبوس فيها * (يده) * القوة العاقلة النظرية بالفكر * (لم يكد يراها) * لظلمتها وعمى بصيرة صاحبها وعدم اهتدائه إلى شيء، وكيف يرى الأعمى الشيء الأسود في الليل البهيم؟.
* (ومن لم يجعل الله له نورا) * بإشراق أنوار الروح عليه من التأييد القدسي والمدد العقلي * (فما له من نور) *، * (ألم تر أن الله يسبح له من في) * عالم سماوات الأرواح بالتقديس وإظهار صفاته الجمالية * (ومن في) * عالم أراضي الأجساد بالتحميد والتعظيم وإظهار صفاته الجلالية، وطير القوى القلبية والسرية بالأمرين * (صافات) * مترتبات في مراتبها من فضاء السر، مستقيمات بنور السكينة، لا تتجاوز واحدة منها حدها، كما قال: * (وما منا إلا له مقام معلوم) * [الصافات، الآية: 164].
* (كل قد علم صلاته) * طاعته المخصوصة به من انقهاره وتسخره تحت قهره، وسلطنته علمية كانت أو عملية، ومن محافظته لتربيته وحضوره لوجهه تعالى فيما أمره به * (وتسبيحه) * إظهار خاصيته التي ينفرد بها، الشاهدة على وحدانيته * (والله عليم) * بأفعالهم وطاعاتهم.
تفسير سورة النور من [آية 43 - 44] * (ألم تر أن الله يزجي) * برياح النفخات والإرادات سحاب العقل فروعا منتزعة من الصور الجزئية ثم يؤلف فيه على ضروب المتألفات المنتجة * (ثم يجعله ركاما) * حججا وبراهين * (فترى) * ودق النتائج والعلوم اليقينية * (يخرج من خلاله وينزل من) * سماء الروح من جبال أنوار السكينة واليقين الموجبة للوقار والطمأنينة والاستقرار * (فيها) * أي:
في تلك الجبال من برد الحقائق والمعارف الكشفية، والمعاني الذوقية، أو من جبال في السماء وهي معادن العلوم والكشوف وأنواعها، فإن لكل علم وصنعة معدنا في الروح ثابتا فيه بحسب الفطرة، يفيض منه ذلك العلم، ولهذا يتأتى لبعضهم بعض العلوم