القدس، واخضرت بالحياة الحقيقية بعد يبسها بالرياضة وجفافها بالحرمان عن ماء الهوى وحياته، وأثمرت المعارف والمعاني، أي حركيها بالفكر * (تساقط عليك) * من ثمرات المعارف والحقائق * (رطبا جنيا فكلي) * أي: من فوقك رطب الحقائق والمعارف الإلهية وعلم تجليات الصفات والمواهب والأحوال * (واشربي) * من تحتك ماء العلم الطبيعي وبدائع الصنع وغرائب الأفعال الإلهية وعلم التوكل وتجليات الأفعال والأخلاق والمكاسب، كما قال تعالى: * (لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم) * [المائدة، الآية: 66] * (وقري عينا) * بالكمال والولد المبارك الموجود بالقدرة، الموهوب بالعناية * (فإما ترين من البشر أحدا) * أي: من أهل الظاهر المحجوبين عن الحقائق بظواهر الأسباب وبالصنع والحكمة عن الإبداع والقدرة الذين لا يفهمون قولك ولا يصدقون بك وبحالك لوقوفهم مع العادة، واحتجابهم بالعقول المشوبة بالوهم المحجوبة عن نور الحق * (فقولي إني نذرت للرحمن صوما) * أي: لا تكلميهم في أمرك شيئا ولا تماديهم فيما لا يمكنهم قبوله حتى ينطق هو بحاله.
تفسير سورة مريم من [آية 27 - 40] * (والسلام علي) * في المواطن الثلاثة كما على يحيى لكون ذاتي مجردة مقدسة لا تحتجب بالمواد حتى في الطفولة، إذ معنى السلام: التنزه عن العيوب اللاحقة بواسطة تعلق المادة * (ذلك عيسى ابن مريم قول الحق) * أي: كلمته التي هي عبارة عن ذات مجردة أزلية، كما مر غير مرة.
* (ما كان لله أن يتخذ من ولد) * لامتناع وجود شيء آخر معه * (سبحانه) * عن أن يوجد معه شيء * (فإنما يقول له كن فيكون) * أي: يبدعه بمجرد تعلق إرادته به من غير زمان. (إنا نحن نرث الأرض ومن عليها) * في القيامة الكبرى بالفناء المطلق والشهود الذاتي. الصدق أصل كل فضيلة، وملاك كل كمال، وخميرة كل مقام، واستعداد كل موهبة.