الشريفة النفس، القوية القوى، وكان مزاج كبدها حارا كان المني المنفصل عن كليتها اليمنى أحر كثيرا من الذي ينفصل عن كليتها اليسرى، فإذا اجتمعا في الرحم وكان مزاج الرحم قويا في الإمساك والجذب. قام المنفصل من الكلية اليمنى مقام الذكر في شدة قوة العقد والمنفصل من الكلية اليسرى مقام مني الأنثى في قوة الانعقاد فيتخلق الولد، هذا وخصوصا إذا كانت النفس متأيدة بروح القدس، متقوية، يسري أثر اتصالها به إلى الطبيعة والبدن ويغير المزاج ويمد جميع القوى في أفعالها بالمدد الروحاني فيصير أقدر على أفعالها بما لا ينضبط بالقياس والله أعلم.
* (ولنجعله آية للناس) * دالة على البعث والنشور * (ورحمة منا) * عليهم بتكميلهم به بالشرائع والحكم والمعارف وهدايتهم بسبب فعلنا ذلك فهو صورة الرحمة الإلهية المعنوية * (وكان أمرا مقضيا) * في اللوح، مقدرا في الأزل. وعن ابن عباس: فاطمأنت إليه بقوله: * (إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا) * فدنا منها، فنفخ في جيب الدرع، أي: البدن، وهو سبب إنزالها على ما ذكرنا كالغلمة مثلا والمعانقة التي كثيرا ما تصير سببا للإنزال. وقيل: إن الروح المتمثل لها هو روح عيسى عليه السلام عند نزوله واتصاله بها وتعلقه بنطفتها، والحق إنه روح القدس لأنه كان السبب الفاعلي لوجوده، كما قال: * (لأهب لك غلاما زكيا) *.
تفسير سورة مريم من [آية 22 - 26] واتصال روح عيسى بالنطفة إنما يكون بعد حصول النطفة في الرحم واستقرارها فيه ريثما تمتزج وتتحد وتقبل مزاجا صالحا لقبول الروح * (فانتبذت به) * أي: معه * (مكانا قصيا) * أي: بعيدا من المكان الأول الشرقي لأنها وقعت به في المكان الغربي الذي هو عالم الطبيعة والأفق الجسماني، ولهذا قال: * (فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة) * نخلة النفس * (فناداها من تحتها) * أي: ناداها جبريل من الجهة السفلية بالنسبة إلى مقامها من القلب، أي: من عالم الطبيعة الذي كان حزنها من جهته وهو الحمل الذي هو سبب تشورها وافتضاحها * (ألا تخزني قد جعل ربك تحتك سريا) * أي: جدولا من غرائب العلم الطبيعي وعلم توحيد الأفعال الذي خصك الله بها واصطفاك كما رأيت من تولد الجنين من نطفتك وحدها.
* (وهزي إليك بجذع) * نخلة نفسك التي بسقت في سماء الروح باتصالك بروح