* (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا) * لأن بذل النفس في سبيل الله لا يكون إلا عند خلوص النفس في محبة الله إذ المرء إنما يحب كل ما يحب من دون الله لنفسه، فأصل الشرك ومحبة الأنداد محبة النفس فإذا سمح بالنفس كان غير محب لنفسه وإذا لم يحب نفسه فبالضرورة لم يحب شيئا من الدنيا وإذا كان بذله للنفس في الله وفي سبيله لا للنفس كما قال: ' ترك الدنيا للدنيا '، كانت محبة الله في قلبه راجحة على محبة كل شيء فكان من الذين قال فيهم: * (والذين ءامنوا أشد حبا لله) * [البقرة، الآية: 56]، وإذا كانوا كذلك يلزم محبة الله إياهم لقوله: * (يحبهم ويحبونه) * [المائدة، الآية: 54].
وبالحقيقة لا تكون محبة الله إلا منه.
* (فلما زاغوا) * عن مقتضى علمهم لفرط الهوى وحب الدنيا * (أزاغ الله قلوبهم) * عن طريق الهدى وحجبهم عن نور الكمال لإقبالهم على الجهة السفلية وميلهم عن مقتضى الفطرة الأصلية * (والله لا يهدي القوم الفاسقين) * الخارجين عن مقتضى الفطرة التي هي الدين القيم إلى نور الكمال لزوال الاستعداد وعدم القابل.
* (ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب) * إذ وضع نوره في الظلمة وصرف بضاعة البقاء، أي: الاستعداد الفطري في متاع الفناء مع وجود الداعي الخارجي الذي هو النبي إلى الإسلام الذي هو مقتضى ذلك النور الأصلي * (والله لا يهدي) * الموصوفين بهذه الصفة إلى النور الكمالي أي: نور ذاته وسبحات وجهه لما ذكر في الفاسقين.
تفسير سورة الصف من [آية 10 - 13] * (يا أيها الذين آمنوا) * الإيمان التقليدي لأن التجارة المنجية من العذاب الأليم التي دعاهم إليها إنما تكون للمحتجبين عن نور الله بصفات النفوس وهيئاتها * (تؤمنون بالله ورسوله) * تحقيقا ويقينا استدلاليا * (و) * بعد صحة الاستدلال وقوة اليقين * (تجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم) * لأن بذل المال والنفس في سبيل الله لا يكون إلا عن يقين * (ذلكم خير لكم) * لأنهما ستصيران إلى الفناء فإذا بعتموها بالباقيات من اللذات المستعلية عليهما كان خيرا لكم * (إن كنتم تعلمون) * علما يقينيا.
* (يغفر لكم) * ذنوب سيئات أعمالكم وهيئات نفوسكم المظلمة * (ويدخلكم جنات) * من جنات النفوس لأنهم كانوا تاجرين باذلين الأنفس والأموال للأعواض، عاملين بقوله: * (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم