تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٣٢٩
سورة الطلاق بسم الله الرحمن الرحيم تفسير سورة الطلاق من [آية 1 - 4] * (ومن يتق الله) * بحسب مقتضى مقامه واجتنب ذنب حاله * (يجعل له مخرجا) * من ضيق المقام والمكاسب إلى سعة روح الحال والمواهب فمن يتقيه في معاصيه يجعل له مخرجا من مضايق الهيئات المظلمة وعقوبات نيران الطبيعة * (ويرزقه) * ثواب جنة النفس وأنوار الفضائل من عالم الغيب * (من حيث لا يحتسب) * لعدم وقوفه منها ومن يتقيه في أفعال نفسه يجعل له مخرجا إلى مقام التوكل ويرزقه تجليات الأفعال من حيث لا يحتسب، ومن يتقيه في صفات نفسه يجعل له مخرجا إلى مقام الرضا ويرزقه روح اليقين وثمرات تجليات الصفات الإلهية في جنة القلب من حيث لا يحتسب لعدم شعوره بها، ومن يتقيه في وجوده والتنزه عنه يجعل له مخرجا من ضيق أنائيته إلى فسحة الوجود المطلق ويرزقه الوجود الموهوب من حيث لا يحتسب ولا يخطر بباله * (ومن يتوكل على الله) * بقطع النظر عن الوسائل والانقطاع إليه من الوسايط * (فهو حسبه) * كافية يوصل إليه ما قدر له ويسوق إليه ما قسم لأجله من أنصبه الدنيا والآخرة * (إن الله بالغ أمره) * أي: يبلغ ما أراد من أمره لا مانع له ولا عائق، فمن تيقن ذلك ما خاف أحدا ولا رجا، وفوض أمره إليه ونجا * (قد جعل الله لكل شيء قدرا) * أي: عين لكل أمر حدا معينا ووقتا معينا في الأزل لا يزيد بسعي ساع ولا ينقص بمنع مانع وتقصير مقصر ولا يتأخر عن وقته ولا يتقدم عليه، والمتيقن لهذا الشاهد له متوكل بالحقيقة.
* (ومن يتق الله) * في مراعاة وقته والاجتناب عن ذنب حاله * (يجعل له) * من أمر
(٣٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 ... » »»