تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٣٠٧
والتجرد عن الخارجيات من الأسباب والأموال وقطع التعلقات المسمى بالترك ثم محو الآثار والهيئات الباقية منها في النفس المسمى بالتجريد عندهم ثم قطع النظر عن أفعاله وصفاته والترقي إلى مقام الروح في الأول وإلى مقام القلب في الثاني حتى يصفو له مقام التناجي الروحي مع النبي في الأسرار الإلهية والمسارة القلبية في الأمور الكشفية. ولهذا قال ابن عمر رضي الله عنه: ' كان لعلي عليه السلام ثلاث لو كانت لي واحدة منهن كانت أحب إلى من حمر النعم: تزويجه فاطمة وإعطاؤه الراية يوم خيبر وآية النجوى '.
وأما الثالث فيجب فيه تقديم الخيرات ببذل الأموال شكرا لتلك النعمة حتى تبقى وتزيد.
* (فإن لم تجدوا) * في الأولين للتخلف عن المقامين بالوقوف مع النفس، وفي الثالث لشح النفس والفقر * (فإن الله غفور) * للصفات النفسانية بأنوار صفاته * (رحيم) * بإفاضة أنوار التجليات والمشاهدات والمعارف والمكاشفات الموجبة لوجدان تلك الصدقة في الأولين أو * (غفور) * لرذيلة الشح وكربة الفقر، * (رحيم) * بالتوفيق لاكتساب الفضيلة وتيسيرها وإعطاء المال في الثالث وكذا الإشفاق والتوبة إنما يكونان لما ذكر.
ثم أمر بما يزيل التخلف المذكور ورذيلة الشح وشدة الفقر إذ بصلاة الحضور والمراقبة في مقام القلب يحصل الأول، وبزكاة الترك والتجريد يحصل الثاني، وبطاعة الله ورسوله في الأعمال الخيرية يحصل الثالث لأن الخير عادة، وببركة الطاعة ينتفي الفقر لحصول الاستغناء بالله قال الله تعالى: ' من أصلح أمر آخرته أصلح الله أمر دنياه '.
تفسير سورة المجادلة من [آية 14 - 22] * (ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم) * لأن الموالاة لا تكون ثابتة حقيقة إلا مع الجنسية والمناسبة، فإن كانت وجب إزالتها وإلا وجب الاحتراز من سرايتها بالصحبة والموالاة وإنما تمكن الموالاة مع عدمها إذا كانت
(٣٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 ... » »»