تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٢١٢
الشيطان، وأرضيت الرحمن وانخرطت في سلك الملكوت ومحوت ذنب صاحبك بالندامة. وإن دفعتها بالتي هي أحسن ناسبت الحضرة الرحيمية بالرحموت وصرت باتصافك بصفاته تعالى من أهل الجبروت وأفضت من ذاتك فيض الرحمة على صاحبك فصار * (كأنه ولي حميم) * ولأمر ما قال النبي صلى الله عليه وسلم عليه السلام: ' لو جاز أن يظهر البارئ لظهر بصورة الحلم '، ولا يلقي هذه الخصلة الشريفة والفضيلة العظيمة * (إلا الذين صبروا) * مع الله، فلم يتغيروا بزلة الأعداء لرؤيتهم منه تعالى وتوكلهم عليه واتصافهم بحلمه أو طاعتهم لأمره * (وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم) * من الله بالتخلق بأخلاقه.
تفسير سورة فصلت من [آية 36 - 41] * (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ) * ينخسنك نخس بالمقابلة بالسيئة وداعية بالانتقام وهيجان من غضبك * (فاستعذ بالله) * بالرجوع إلى جنابه واللجوء إلى حضرته من شره ووسوسته ونزغه بالبراءة عن أفعالك وصفاتك والفناء فيه عن حولك وقوتك * (إنه هو السميع) * لما هجس ببالك من أحاديث نفسك وأقوالك * (العليم) * بنياتك وما بطن من أحوالك. * (ومن آياته) * ليل ظلمة النفس بظهور صفاتها الساترة للنور لتقعوا في السيئات وتستعدوا لقبول الوساوس الشيطانية ونهار نور الروح بإشراق أشعتها من القلب إلى النفس، فتباشروا الحسنات وتدفعوا السيئات بها وتمتنعوا عن قبول الوساوس وتتعرضوا للنفحات وشمس الروح وقمر القلب * (لا تسجدوا للشمس) * بالفناء فيه والوقوف معه والاحتجاب به عن الحق * (ولا للقمر) * بالوقوف مع الفضائل والكمالات والنبو إلى جنة الصفات * (واسجدوا لله الذي خلقهن) * بالفناء في الذات * (إن كنتم) * موحدين، مخصصين العبودية به دون غيره لا مشركين ولا محجوبين * (فإن استكبروا) * عن الفناء فيه بظهور الأنائية والطغيان والاستعلاء بصفات النفس والعدوان * (فالذين عند ربك) * من السابقين الفانين فيه * (يسبحون له) * بالتجريد والتنزيه عن حجب ذواتهم وصفاتهم دائما بليل الاستتار في مقام التفصيل ونهار التجلي في مقام الجمع * (لا يسأمون) * لكونهم قائمين بالله ذاكرين بالمحبة الذاتية.
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»