تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ١١٢
يكون بالرذيلة التي يقابلها من جانب التفريط كعلاج الشره بالخمود وعلاج البخل بالتبذير والإسراف بالتقتير وكلاهما من الشيطان * (إني ظلمت نفسي) * بالإفراط والتفريط * (فاغفر لي) * استر لي رذيلة ظلمي بنور عدلك * (فغفر له) * صفات نفسه المائلة إلى الإفراط والتفريط بنوره، فحصلت له العدالة * (إنه هو الغفور) * الساتر هيئات النفس بنوره * (الرحيم) * بإفاضة الكمال عند زكاء النفس عن الرذائل.
* (قال رب بما أنعمت علي) * أي: اعصمني بما أنعمت علي من العلم والعمل * (فلن أكون ظهيرا) * معاونا * (للمجرمين) * المرتكبين الرذائل من القوى النفسانية * (فأصبح) * في مدينة البدن * (خائفا) * من استيلاء القوى النفسانية بإشارة الدواعي والهواجس وإلقاء أحاديث النفس والوساوس في مقام المراقبة * (يستصرخه) * أي:
يستنصره العقل على أخرى من قوى النفس وهي الوهم والتخيل لأنهما يفسدان في مقام الترقب، ويثيران الوساوس والهواجس ويبعثان النوازع والدواعي ولا ينكسران ولا يفتران في حال ما من أحوال وجود القلب إلا عند الفناء في الله، ألا ترى إلى معارضته ومماراته له في قوله: * (إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين) * وإنما نسب صاحبه الذي هو العقل بقوله: إنك لغوي، لافتتانه بالوهم وعجزه عن دفعه واحتياجه في معارضته إلى القلب، وإنما أراد أن يبطش ولما تيسر له البطش، ومانعه وأنكر فعله، بقوله أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس؟، لأن القلب ما لم يصل إلى مقام الروح ولم يفن في مقام الولاية، ولم يتصف بالصفات الإلهية لم يذعن له شيطان الوهم لأنه من المنظرين إلى يوم القيامة الكبرى، فما دام القلب في مقام الفتوة متصفا بكمالاته في القيامة الوسطى يطمع هو في إغوائه ولا ينقهر ولا يمتنع بمجرد الكمال العلمي والعملي عن استعلائه.
تفسير سورة القصص من [آية 20 - 25] * (وجاء رجل من أقصى المدينة) * هو الحب الباعث على السلوك في الله الذي يسمونه الإرادة، وإتيانه من أقصى المدينة: انبعاثه من مكمن الاستعداد عند قتل هوى
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»