تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ١٠٨
إلى الآية 93] * (ويوم ينفخ في الصور) * النفخة الأولى نفخة الإماتة في القيامة الصغرى * (ففزع من في السماوات ومن في الأرض) * من العقلاء المجردين والجهال البدنيين، أو من القوى الروحانية والجسمانية * (إلا من شاء الله) * من الموحدين الفانين في الله، والشهداء القائمين بالله * (وكل أتوه) * إلى المحشر للبعث، صاغرين، أذلاء، لا قدرة لهم ولا اختيار، أو أتوه منقادين قابلين لحكمه بالموت.
* (وترى) * جبال الأبدان * (تحسبها جامدة) * ثابتة في مكانها * (وهي تمر) * وتذهب وتتلاشى بالتحليل كالسحاب لتجتمع أجزاؤها عند البعث في اليوم الطويل * (صنع الله) * أي: صنع هذا النفخ والإماتة والإحياء لمجازاة العباد بالأعمال صنعا متقنا يليق به * (إنه خبير بما تفعلون) * * (من جاء بالحسنة) * أي: بمحو صفة من صفات نفسه بالتوبة إلى الله عنها من قيام صفة إلهية مقامها. * (ومن جاء بالسيئة) * باحتجابه بصفة من صفات نفسه * (فكبت وجوههم) * بتنكيس بنائهم لشدة ميلهم إلى الجهة السفلية في نار الطبيعة * (هل تجزون) * إلا بصور أعمالكم وجعل هيئاتها صوركم.
* (إنما أمرت أن) * لا ألتفت إلى غير الحق و * (أعبد رب هذه البلدة) * أي: القلب * (الذي حرمها) * حماها عن استيلاء صفات النفس ومنعها من دخول أهل الرجس وآمنها وآمن من فيها لئلا ينكب وجهي في نار الطبيعة * (وله كل شيء) * أي: تحت ملكوته وربوبيته يعطي عابده ما شاء أن يعطيه ويمنعه ما شاء أن يمنعه ويدفع من غالبه * (وأمرت أن أكون من المسلمين) * الذين أسلموا وجوههم بالفناء فيه * (وأن أتلوا القرآن) * أفضل الكمالات المجموعة في إبرازها وإخراجها إلى الفعل في مقام البقاء * (وقل الحمد لله) * بالاتصاف بصفاته الحميدة * (سيريكم) * صفاته في مقام القلب * (فتعرفونها) * أو آيات أفعاله وآثارها بالقهر في مقام النفس فتعرفونها عند التعذب بها أو * (يوم ينفخ في الصور) * بتجلي الذات في القيامة الكبرى، ففزع من السماوات ومن في الأرض) * بصعقة الفناء والقهر الكلي إلا من شاء الله من أهل البقاء الذين أحيوا لحياته وأفاقوا بعد صعقة الفناء به * (وكل أتوه داخرين) * [النمل، الآية: 87] ساقطين عن درجة الحياة والوجود، مقهورين. وترى جبال الوجودات تحسبها جامدة ثابتة على حالها ظاهرا وهي تمر مر السحاب في الحقيقة زائلة.
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»