تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ١١١
* (وحرمنا عليه المراضع) * أي: منعناه من التقوي والتغذي بلذات القوى النفسانية وشهواتها وقبول أهوائها وإعدادها * (من قبل) * أي: قبل استعمال الفكر بنور الاستعداد وصفاء الفطرة * (فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم) * بالقيام بتربيته بالأخلاق والآداب ويرضعونه بلبان المبادئ من المشاهدات والوجدانيات والتجريبات، وما طريقة الحس والحدس من العلوم * (وهم له ناصحون) * يشدونه بالحكم العملية والأعمال الصالحة، ويهذبونه ولا يغوونه بالوهميات والمغالطات، ويفسدونه بالرذائل والقبائح.
* (فرددناه إلى أمه) * النفس اللوامة بالميل نحوها والإقبال * (كي تقر عينها) * بالتنور بنوره * (ولا تحزن) * بفوات قرة عينها وبهائها وتقويتها به * (ولتعلم) * بحصول اليقين بنوره * (إن وعد الله) * بإيصال كل مستعد إلى كماله المودع فيه وإعادة كل حقيقة إلى أصلها * (حق ولكن أكثر الناس لا يعلمون) * ذلك فلا يطلبون الكمال المودع فيهم لوجود الحجاب وطريان الشك والارتياب.
* (ولما بلغ أشده) * أي: مقام الفتوة وكمال الفطرة * (واستوى) * استقام بحصول كماله ثم بتجرده عن النفس وصفاته * (آتيناه حكما وعلما) * أي: حكمة نظرية وعملية * (وكذلك نجزي المحسنين) * المتصفين بالفضائل، السائرين في طريق العدالة.
تفسير سورة القصص من [آية 15 - 19] * (ودخل) * مدينة البدن * (على حين غفلة من أهلها) * أي: في حال هدو القوى النفسانية وسكونها حذرا من استيلائها عليه وعلوها * (فوجد فيها رجلين يقتتلان) * أي:
العقل والهوى * (هذا) * أي: العقل * (من شيعته وهذا) * أي: الهوى * (من عدوه) * من جملة أتباع شيطان الوهم وفرعون النفس الأمارة * (فاستغاثه) * العقل واستنصره على الهوى * (فوكزه) * ضربه بهيئة من هيئات الحكمة العملية بقوة من التأييدات الملكية بيد العاقلة العملية فقتله * (قال هذا) * الاستيلاء والاقتتال * (من عمل الشيطان) * الباعث للهوى على التعدي والعدوان * (إنه عدو مضل مبين) * أو هذا القتل من عمل الشيطان، لأن علاج الاستيلاء بالإفراط لا يكون بالفضيلة التي هي العدالة الفائضة من الرحمن بل إنما
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»