تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ١١٥
* (ذلك بيني وبينك) * ذلك الأمر الذي عاهدتني عليه قائم بيني وبينك، يتعلق بقوتنا واستعدادنا وسعينا، لا مدخل لغيرنا فيه * (أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي) * أيما النهايتين بلغت فلا إثم علي، إذ لا علي إلا السعي. وأما البلوغ فهو بحسب ما أوتيت من الاستعداد في الأزل وإنما تتقدر قوتي في السعي بحسب ذلك والله هو الذي وكل إليه أمرنا وفي ذلك شاهد عليه، أي: ما أوتينا من الكمال المقدر لنا أمر تولاه الله بنفسه وعينه من فيضه الأقدس لا يمكن لأحد تغييره ولا يطلع عليه أحد غيره، ولا يعلم قبل الوصول قدر الكمال المودع في الاستعداد وهو من غيب الغيوب الذي استأثر به الله لذاته.
تفسير سورة القصص من [آية 29 - 32] * (فلما قضى موسى الأجل) * أي: بلغ حد الكمال الذي هو أقصر الأجلين * (وسار بأهله) * من القوى بأسرها إلى جانب القدس مستصحبا للجميع بحيث لم يمانعه ولم يتخلف عنه واحدة منها، وحصل له ملكة الاتصال للتدرب في المجاهدة والمراقبة بلا كلفة * (آنس من جانب الطور) * طور السر الذي هو كمال القلب في الارتقاء نار روح القدس وهو الأفق المبين الذي أوحى منه إلى من أوحى إليه من الأنبياء * (في البقعة المباركة) * أي: مقام كمال القلب المسمى سرا من شجرة نفسه القدسية * (أن يا موسى إنني أنا الله) * وهو مقام المكالمة والفناء في الصفات فيكون القائل والسامع هو الله، كما قال: ' كنت سمعه الذي به يسمع، ولسانه الذي به يتكلم '. وإلقاء العصا والإدبار وإظهار اليد البيضاء مر تأويله في سورة (النمل).
* (واضمم إليك جناحك من الرهب) * أي: لا تخف من الاحتجاب والتلوين عند الرجوع من الله واربط جأشك بتأييدي آمنا متحققا بالله. وقد سمعت شيخنا المولى نور الدين عبد الصمد قدس لله روحه العزيز في شهود الوحدة ومقام الفناء عن أبيه أنه كان بعض الفقراء في خدمة الشيخ الكبير شهاب الدين السهروردي في شهود الوحدة ومقام الفناء ذا ذوق عظيم، فإذا هو في بعض الأيام يبكي ويتأسف، فسأله، الشيخ عن حاله،
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»