تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ١١٧
حد الكمال، كما ذكر في الشعراء أنهم كانوا قوما محجوبين بالمعقول عن الشريعة والنبوة، متدربين بالمنطق والحكمة، معتنين بهما، معتقدين الفلسفة غاية الكمال، منكرين للعرفان والسلوك والوصال * (لعلي أطلع إلى إله موسى) * بطريق التفلسف، وإنما ظنه من الكاذبين لقصوره عن درجة العرفان والتوحيد، واحتجابه بصفة الأنائية والطغيان والتفرعن بغير الحق من غير أن يتصفوا بصفة الكبرياء عند الفناء، فيكون تكبرهم بالحق لا بالباطل عن صفات نفوسهم.
تفسير سورة القصص من [آية 44 - 54] * (وما كنت بجانب الغربي) * أي: جانب غروب شمس الذات الأحدية في عين موسى واحتجابها بعينه في مقام المكالمة لأنه سمع النداء من شجرة نفسه، ولهذا كانت قبلته جهة المغرب ودعوته إلى الظواهر التي هي مغارب شمس الحقيقة بخلاف عيسى عليه السلام " (إذا قضينا إلى موسى الأمر) * أوحينا إليه بطريق المكالمة * (وما كنت من الشاهدين) * مقامه في مرتبة نقبائه وأولياء زمانه الذين شهدوا مقامه، ولكن بعد قرنك من قرنه بإنشاء قرون كثيرة بينهما فنسوا فأطلعناك على مقامه وحاله في معراجك وطريق صراطك ليتذكروا * (وما كنت ثاويا) * مقيما * (في أهل مدين) * مقام الروح * (تتلوا عليهم) * علوم صفاتنا ومشاهداتنا، بل كنت في طريقك إذ ترقيت من الأفق الأعلى فدنوت من الحضرة الأحدية إلى مقام قاب قوسين أو أدنى، فأخبرتهم بذلك عند إرسالنا إياك بالرجوع إلى مقام القلب بعد الفناء في الحق.
* (وما كنت بجانب الطور) * مقام السر واقفا * (ولكن رحمة) * تامة واسعة شاملة
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»