تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٣٩٦
* صابر الصبر فاستغاث به الصبر * فصاح المحب بالصبر صبرا * أي: صابر الحبيب الصبر، فاستغاث به الصبر عند إشرافه على النفاد فصاح المحب بالصبر صبرا على النفاد والهلاك، فإن فيه النجاح والفلاح. والصبر بالله هو لأهل التمكين في مقام الاستقامة الذين أفناهم الله بالكلية وما ترك عليهم شيئا من بقية الأنية والإثنينية ثم وهب لهم وجودا من ذاته حتى قاموا به وفعلوا بصفاته وهو من أخلاق الله تعالى ليس لأحد فيه نصيب ولهذا أمره به. ثم بين أن ذلك الصبر الذي أمرت به ليس من سائر أقسام الصبر حتى يكون بنفسك أو بقلبك بل هو صبري لا تباشره إلا بي ولا تطيقه إلا بقوتي، ولعدم وفاء قوته بهذا الصبر قال: ' شيبتني سورة هود '.
* (ولا تحزن عليهم) * بالتلوين بظهور القلب بصفته لأن صاحب هذا الصبر يرى الأشياء بعين الحق فكل ما يصدر عنهم يراه فعل الله وكل صفة تظهر عليهم يراه تجليا من تجلياته وينكر المنكر بحكمه لأن الله بصره بأنواع التجليات القهرية واللطفية والغضبية والرضوية وعرفه أحكامه وأمره بإنفاذ الأحكام في مواقعها. * (ولا تك في ضيق مما يمكرون) * لانشراح صدرك بي، فكن معهم كما تراني معهم سائرا بسيري، قائما بي وبأمري.
* (إن الله مع الذين اتقوا) * بقاياهم وأنياتهم بالاستهلاك في الوحدة والاستغراق في عين الجمع * (والذين هم محسنون) * بشهود الوحدة في عين الكثرة، والطاعة في عين المعصية، والقيام بالأمر والنهي في مقام الاستقامة، وإبقاء حقوق التفاصيل في عين الجمع، فلا يحجبهم الفرق عن الجمع ولا الجمع عن الفرق، ويسعهم مراعاة الحق والخلق للرجوع إلى الكثرة بوجود القلب الحقاني.
(٣٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 391 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 ... » »»