تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٣٧٢
* (بدلوا نعمة الله) * التي أنعم بها عليهم في الأزل من الهداية الأصلية والنور الاستعدادي الذي هو بضاعة النجاة * (كفرا) * أي: احتجابا وضلالة، كما قال تعالى:
* (اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين) * [البقرة، الآية: 16] أضاعوا النور الباقي واستبدلوا به اللذة الحسية الفانية، فبقوا في الظلمة الدائمة * (وأحلوا قومهم) * من في قوى نفوسهم أو من اقتدى بطريقتهم وتأسى بهم وتابعهم في ذلك * (دار البوار) *.
* (وجعلوا لله أندادا) * من متاع الدنيا وطيباتها ومشتهياتها يحبونها كحب الله، إذ كل ما غلب حبه فهو معبود. قال الله تعالى: * (زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين) * [آل عمران، الآية: 14] الخ، * (ليضلوا عن سبيله) * كل من نظر إليهم من الأحداث المستعدين ومن دان بدينهم. * (قل تمتعوا) * أي: اذهبوا فيه بأمر الوهم فإن تمتعكم قليل سريع الزوال، وشيك الفناء، وعاقبته وخيمة بالمصير إلى النار.
[تفسير سورة إبراهيم من آية 32 إلى آية 34] * (الله الذي خلق) * سماوات الأرواح وأرض الجسد * (وأنزل من) * سماء عالم القدس ماء العلم * (فأخرج به) * من أرض النفس ثمرات الحكم والفضائل * (رزقا لكم) * وتقوى القلب بها * (وسخر لكم) * أنهار العلم بالاستنتاج والاستنباط والتفريع والتفصيل * (وسخر لكم) * شمس الروح وقمر القلب * (دائبين) * في السير بالمكاشفة والمشاهدة * (وسخر لكم) * ليل ظلمة صفات النفس ونهار نور الروح لطلب المعاش والمعاد والراحة والاستنارة * (وآتاكم من كل ما سألتموه) * بألسنة استعداداتكم، فإن كل شيء يسأله بلسان استعداده كمالا يفيض عليه مع السؤال بلا تخلف وتراخ كما قال تعالى: * (يسئله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن (29)) * [الرحمن، الآية: 29].
* (وإن تعدو نعمة الله) * من الأمور السابقة على وجودكم الفائضة من الحضرة الإلهية ومن اللاحقة بكم من امداد التربية الواصلة عن الحضرة الربوبية * (لا تحصوها) * لعدم تناهيها كما تقرر في الحكمة * (إن الإنسان لظلوم) * بوضع نور الاستعداد ومادة البقاء في ظلمة الطبيعة ومحل الفناء وصرفه فيها، أو بنقص حق الله أو حق نفسه بإبطال الاستعداد * (كفار) * بتلك النعم التي لا تحصى باستعمالها في غير ما ينبغي أن تستعمل وغفلته عن المنعم عليه بها واحتجابه بها عنه.
(٣٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 ... » »»