تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٣٧٧
* (ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون) * أي: من العناصر الأربعة الممتزجة إذ الحمأ هو الطين المتغير والمسنون ما صب عليه الماء حتى خلص عن الأجزاء الصلبة الخشنة الغير المعتدلة المنافية لقبول الصورة التي يراد تصويرها منه.
والصلصال ما تخلخل منه بالهواء وتجفف بالحرارة * (والجان) * أي: أصل الجن وهو جوهر الروح الحيواني الذي تولد منه قوى الوهم والتخيل وغيرهما * (خلقناه من قبل من نار السموم) * أي: من الحرارة الغريزية ومن بخارية الأخلاط ولطافتها المستحيلة بها، وإنما قال من قبل لتقدم تأثير الحرارة في التركيب بالتمزيج والتعديل وإثارة ذلك البخار على صور الأعضاء بل القوى الفعالة المؤثرة متقدمة على التركيب في الأصل وقد مر معنى انقياد الملائكة له وعدم انقياد إبليس.
* (فأخرج) * من جنة عالم القدس التي ترتقي إلى أفقه * (فإنك) * مرجوم، مطرود منها لكونك غير مجرد عن المادة * (وإن عليك) * لعنة البعد في الرتبة * (إلى يوم) * القيامة الصغرى وتجرد النفس عن البدن بقطع علاقتها أو الكبرى بالفناء في التوحيد * (لأزينن لهم) * الشهوات واللذات في الجهة السفلية * (ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك) * أي: المخصوصين بك، الذين أخلصتهم من شوائب صفات النفس وطهرتهم من دنس تعلق الطبيعة، وجردتهم بالتوجه إليك من بقايا صفاتهم وذواتهم، أو الذين أخلصوا أعمالهم لك من غير لاحظ لغيرك فيها * (هذا صراط علي) * حق نهجه ومراعاته * (مستقيم) * لا اعوجاج فيه، وهو أن لا سلطان لك على عبادي المخلصين إلا الذين يناسبونك في الغواية والبعد عن صراطي فيتبعونك. * (لها سبعة أبواب) * هي الحواس الخمس والشهوة والغضب * (لكل باب منهم جزء مقسوم) * عضو خاص به، أو بعض من الخلق يختصون بالدخول منه لغلبة قوة ذلك الباب عليهم.
[تفسير سورة الحجر من آية 45 إلى آية 86]
(٣٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 ... » »»