تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٣٧٦
بكم، أو جعلنا في سماء القلب بروجا مقامات كالصبر والشكر والتوكل والرضا والمعرفة والمحبة، وزيناها بالمعارف والحكم والحقائق * (وحفظناها من كل شيطان رجيم) * من الأوهام والتخيلات * (إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين (18)) * [الحجر، الآية: 18] أي: إشراق نوري من طوالع أنوار الهداية.
* (وإن من شيء إلا عندنا خزائنه) * أي: ما من شيء في الوجود إلا له عندنا خزانة في عالم القضاء أولا بارتسام صورته في أم الكتاب الذي هو العقل الكلي على الوجه الكلي، ثم خزانة أخرى في عالم النفس الكلية وهو اللوح المحفوظ بارتسام صورته فيه متعلقا بأسبابه، ثم خزانة أخرى بل خزائن في النفوس الجزئية السماوية المعبر عنها بسماء الدنيا ولوح القدر بارتسام صورته فيها جزئية مقدرة بمقدارها وشكلها ووضعها * (وما ننزله) * في عالم الشهادة * (إلا بقدر معلوم) * من شكل وقدر ووضع ووقت ومحل معينة واستعداد مختص به في ذلك الوقت.
* (وأرسلنا) * رياح النفحات الإلهية * (لواقح) * بالحكم والمعارف، مصفية للقلوب، معدة للاستعدادات لقبول التجليات * (فأنزلنا) * من سماء الروح ماء من العلوم الحقيقية * (فأسقيناكموه) * وأحييناكم به * (وما أنتم) * لذلك العلم * (بخازنين) * لخلوكم عنها. * (وإنا لنحن نحيي) * بالحياة الحقيقية بماء الحياة العلمية والقيام في مقام الفطرة * (ونميت) * بالإفناء في الوحدة * (ونحن الوارثون) * للوجود، الباقون بعد فنائكم.
* (ولقد علمنا المستقدمين منكم) * أي: المستبصرين، المشتاقين من المحبين الطالبين للتقدم * (ولقد علمنا المستأخرين) * المنجذبين إلى عالم الحس ومعدن الرجس باستيلاء صفات النفس ومحبة البدن ولذاته، الطالبين للتأخر عن عالم القدس * (وإن ربك هو يحشرهم) * مع من يتولونه ويجمعهم إلى من يحبونه وينزعون إليه * (إنه حكيم) * يدبر أمرهم في الحشر على وفق الحكمة بحسب المناسبة * (عليم) * بكل ما فيهم من خفايا الميل والانجذاب والمحبة وما تقتضيه هيئاتهم وصفاتهم فسيجزيهم وصفهم.
تفسير سورة الحجر من آية 26 إلى آية 44
(٣٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 ... » »»