تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٣٦٩
* (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه) * أي: بكلام يناسب ما عليه حالهم بحسب استعدادهم وعلى قدر عقولهم وإلا لم يفهموا لبعد ذلك المعنى عن أفهامهم وعدم مناسبته لمقامهم، فلم يمكنه أن يبين لهم ما في استعدادهم الأول بالقوة من الكمال اللائق به وما تقتضيه هوياتهم بحسب الفطرة * (فيضل الله من يشاء) * لزوال استعداده بالهيئات الظلمانية ورسوخها والاعتقادات الباطلة واستقرارها * (ويهدي من يشاء) * ممن بقي على استعداده أو لم يترسخ فيه حواجب هيئاته وصور اعتقاداته * (وهو العزيز) * القوي الذي لا يغلب على مشيئته فيهدي من يشاء هدايته ويضل من يشاء ضلالته * (الحكيم) * الذي يدبر أمر هداية المهتدي بأنواع اللطف وأمر ضلال الضال بأصناف الخذلان على مقتضى الحكمة البالغة.
* (إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور) * أي: لكل مؤمن بالإيمان الغيبي إذ الصبر والشكر مقامان للسالك قبل الوصول حال العقد الإيماني والسير في الأفعال لتحصيل رتبة التوكل، وحينئذ آياته التي يعتبر بها ويستمدها يتمسك بها ويعتمدها في سلوكه هي الأفعال، فكلما رأى نعمة أو سمع بها أو وصلت إليه من هداية وغيرها شكره باللسان وبالقلب بتصوره من عند الله، وبالجوارح بحسن التلقي والقبول والطاعة والعمل بمقتضاها على ما ينبغي، وكلما رأى أو سمع بلاء أو نزل به صبر بحفظ اللسان عن الجزع. وقول: * (إنا لله وإنا إليه راجعون) * [البقرة، الآية: 156] وربط القلب وتصور أن له فيه خير أو مصلحة وإلا لما ابتلاه الله به ومنع الجوارح عن الاضطراب.
[تفسير سورة إبراهيم من آية 10 إلى آية 23]
(٣٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 ... » »»