أهل الضلال فريقان: عديم الاستعداد وحاجبه بظلمة البشرية، فكذلك أهل الهداية قسمان: محبوبون يهتدون بغير الإنابة لقوة الاستعداد ومحبون يهديهم الله بعد الإنابة، كما قال تعالى: * (يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب) * [الشورى، الآية: 13].
* (والذين آمنوا) * أي: المنيبون الذين آمنوا الإيمان العلمي بالغيب * (وتطمئن قلوبهم بذكر الله) * ذكر النفس باللسان والتفكر في النعم، أو ذكر القلب بالتفكر في الملكوت ومطالعة صفات الجمال والجلال، فإن للذكر مراتب ذكر النفس باللسان والتفكر في النعم، وذكر القلب بمطالعة الصفات، وذكر السر بالمناجاة، وذكر الروح بالمشاهدة، وذكر الخفاء بالمناغاة في المعاشقة، وذكر الله بالفناء فيه. والنفس تضطرب بظهور صفاتها وأحاديثها وتطيش فيتلون القلب بسببها ويتغير بأحاديثها، فإذا ذكر الله استقرت النفس وانتفت الوساوس كما قال عليه صلى الله عليه وسلم: ' إن الشيطان يضع خرطومه على قلب ابن آدم، فإذا ذكر الله خنس فاطمأن القلب '. وكذا ذكر القلب بالتفكر في الملكوت ومطالعة أنوار الجبروت، وأما سائر الأذكار فلا تكون إلا بعد الاطمئنان. والعمل الصالح ههنا: التزكية والتحلية و * (طوبى لهم) * بالوصول إلى الفطرة وكمال الصفات * (وحسن مآب) * بالدخول في جنة القلب، جنة الصفات.
[تفسير سورة الرعد من آية 33 إلى آية 40] * (أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت) * أي: يقوم عليها بإيجاد كل ما ينسب إليها من مكاسبها، قيوم لها وبمكسوباتها، وإنما سمي مكسوبها وإن كان بخلق الله تعالى لأنه إنما أظهره عليها لاستعداد فيها يناسبه به قبلته من الله تعالى، فمن جهة قبول المحل وصلاحيته لمظهريته ومحليته ينسب إلى كسبها مع قيام الحق تعالى