تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٣٦٢
بخروجه من مقام النفس وذهابه في نهار نور الروح.
* (له معقبات) * أمداد متعاقبة من الملكوت واصلة إليه من أمر الله * (يحفظونه من) * خطفات جن القوى الخيالية والوهمية وغلبات البهيمية والسبعية وإهلاكها إياه * (إن الله لا يغير ما بقوم) * من نعمة وكمال ظاهر أو باطن * (حتى يغيروا ما بأنفسهم) * من الاستعداد وقوة القبول، فإن الفيض الإلهي عام متصل كالماء الجاري، ألم تر إلى قوله تعالى: * (يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل) * [الرعد، الآية: 4] فيتلون بلون الاستعداد، فمن تكدر استعداده تكدر فيضه فزاد في شره، ومن تصفى استعداده تصفى فيضه فزاد في خيره، وكذا النعم الظاهرة لا بد في تغيرها إلى النقم من استحقاق جلي أو خفي، ولهذا قال المحققون: إن الدعاء الذي لا يتخلف عنه الاستجابة المشار إليه بقوله تعالى: * (ادعوني أستجب لكم) * [غافر، الآية: 60] هو الذي يكون بلسان الاستعداد. وعن بعض السلف: أن الفأرة مزقت خفي، وما أعلم ذلك إلا بذنب أحدثته وإلا ما سلطها الله علي. وتمثل بقول الشاعر:
* لو كنت من مازن لم تستبح إبلي * [تفسير سورة الرعد من آية 12 إلى آية 14] * (هو الذي يريكم) * برق لوامع الأنوار القدسية والخطفة الإلهية * (خوفا) * أي:
خائفين من سرعة انقضائه وبطء رجوعه * (وطمعا) * أي: طامعين في ثباته وسرعة رجوعه * (وينشئ) * سحاب السكينة * (الثقال) * بماء العلم اليقيني والمعرفة الحقة.
* (ويسبح) * رعد سطوة التجليات الجلالية أي يسبح الله ويمجده عما يتصور في العقل ممن ترد عليه تلك التجليات لوجدانه ما لا يدركه العقل ويحمده حق حمده بالكمال المستفاد من ذلك التجلي حمدا فعليا فيكون التسبيح للرعد الموجب لذلك أو السطوة تسبح بنفس التجلي المنزه عن أن يدرك بالإدراك العقلي * (والملائكة) * أي:
ملكوت القوى الروحانية من هيبته وجلاله * (ويرسل) * صواعق السبحات الإلهية بتجلي القهر الحقيقي المتضمن للطف الكلي فيسلب الوجود عن المتجلى عليه ويفنيه عن بقية نفسه، كما ورد في الحديث: ' إن لله سبعين ألف حجاب من نور وظلمة لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه '. * (فيصيب بها من يشاء) * من
(٣٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 ... » »»